هل تعلمون بمعاناة النازحين وصحتهم وعلاجاتهم؟.. لا مراكز وحالة يرثى لها

مخيم (مام رشان) للنازحين الواقع ضمن حدود قضاء عقرة (آكري) بمحافظة دهوك  تصوير: كركوك ناو

عمار عزيز

شاكر علي، المقيم في مخيم للنازحين بمحافظة دهوك، يشتكي من أن طفله البالغ من العمر سنتين يعاني منذ فترة من إحمرار الجلد، في حين يتعذر على النازحين الوصول إلى الخدمات الصحية بعد إغلاق المركز الصحي الموجود داخل مخيمهم ما يضطرهم لصرف مبالغ تفوق امكانياتهم المادية لمراجعة الأطباء خارج المخيم.

يعيش شاكر علي (31 سنة) مع أفراد عائلته في مخيم بيرسيف-2 بإدارة زاخو التابعة لمحافظة دهوك منذ 11 سنة بعد نزوحهم من ديارهم عقب هجوم مسلحي داعش في 2014.

"البقع الحمراء تغطي جسم طفلي ويجب معالجته، لكن مشكلتنا تتمثل في أننا نضطر لقطع مسافة تستغرق نصف ساعة بالسيارة لكي نراجع الطبيب، وهذا يكلفنا مبلغاً ليس بالقليل"، معاناة الطفل أجبرت شاكر على التوجه إلى مستشفى حكومي في مركز قضاء زاخو.

"حين وصلت هناك، كان دوام الأطباء في المستشفيات الحكومية قد انتهى، لذا اضطررت لأخذه إلى عيادة مسائية كلفة العلاج والأدوية فيها أكبر، اصطحبته حتى الآن ثلاث مرات إلى تلك العيادة وكلفتني زيارات الأطباء ما مجموعه 200 ألف دينار".

المركز الصحي الوحيد الذي كان في مخيم بيرسيف-2 أغلق في كانون الثاني 2023، ومنذ ذلك الحين يتوجب على سكان المخيم التوجه إلى المدن والأقضية للحصول على الخدمات الصحية، رغم صعوبة أحوالهم المعيشية وتفشي البطالة.

نعلم بأنه يشكل عبئاً لكن لا يوجد حل آخر.. هناك ضغط كبير على المستشفيات الحكومية داخل المدن

"بعض العوائل لا تملك سيارات وعليها تأمين أجور النقل فضلاً عن مصاريف شراء الأدوية وتلقي العلاج"، حسبما قال شاكر.

من مجموع 21 مركزاً صحياً في 16 مخيماً للنازحين بمحافظة دهوك تبقت سبعة فقط، بعد انتهاء عقود عمل المنظمات العاملة في مجال إغاثة النازحين، فيما تشير الإحصائيات إلى أن 188 ألف و944 نازحاً لا زالوا مقيمين في دهوك، يعيش 135 ألف و616 منهم في المخيمات.

على سبيل المثال، يوجد في المخيم الذي تعيش فيه عائلة شاكر 7 آلاف و66 نازح، لكن المخيم يفتقر لمركز صحي وخدمات صحية.

توجد علاقة قوية بين تقديم الخدمات الصحية للنازحين والمنظمات الدولية التي تعمل في العراق، لأن هذه المنظمات مسؤولة عن تأمين جزء من المستلزمات الطبية للنازحين.

مدير عام صحة محافظة دهوك، أفراسياب موسى، قال لـ(كركوك ناو)، إن "أغلب المنظمات الدولية انسحبت، امكانياتنا لم تكن تسمح باستمرار هذه المراكز الصحية، لذا بقيت ستة إلى سبعة مراكز صحية فقط"، وأضاف، "لا تزال بعض المنظمات تعمل هنا، لكن الخدمات الصحية قليلة ومحدودة لا تلبي احتياجات الأعداد الكبيرة من النازحين".

"الحل الوحيد هو وجود مركز صحي لمخيمين قريبين من بعض، أما المخيمات القريبة من المدن فيمكنهم مراجعة مؤسساتها الصحية لتلقي العلاج"، بحسب أفراسياب.

وحول ما إن كان هذا الأمر سيشكل عبئاً مادياً على النازحين، قال "نعلم بأنه يشكل عبئاً لكن لا يوجد حل آخر.. هناك ضغط كبير على المستشفيات الحكومية داخل المدن".

وفقاً لإحصائيات مدرية صحة دهوك، 40 بالمائة من الذين يراجعون المستشفيات والمراكز الصحية الحكومية هم من النازحين واللاجئين.

احصائيات حكومة إقليم كوردستان تشير إلى أن مجموع النازحين واللاجئين في الاقليم أكثر من 960 ألف شخص، والموازنة المطلوبة لتأمين الخدمات الصحية لهم تصل لمليوني دولار لليوم الواحد.

وزارة الهجرة والمهجرين العراقية حددت أكثر من مرة موعداً نهائياً لإغلاق كافة المخيمات لكن هذه المواعيد تتأجل في كل مرة لسبب أو لآخر، وسط خلاف حول الملف بين الحكومة العراقية وحكومة الاقليم.

Xanke
دهوك/ المركز الصحي في مخيم خانكي لنازحين   تصوير: عمار عزيز

المسؤولون في وزارة داخلية الإقليم شددوا في أكثر من مناسبة على أنهم لا يستطيعون إرغام النازحين على العودة وطالبوا بتوفير ضمانات أمنية للعائدين.

يعزف معظم النازحين عن العودة بحجة عدم استتباب الأمن وغياب الخدمات.

مدير دائرة الهجرة والمهجرين والاستجابة للأزمات التابعة لحكومة اقليم كوردستان، بير ديان جعفر، قال لـ(كركوك ناو)، إن "المراكز الصحية المتبقية تقع في المخيمات البعيدة عن مراكز المدن، أحد الأسباب هو أن مهام الأمم المتحدة قد تغيرت من تقديم المساعدات إلى تقديم الدعم للنازحين وتطوير قدراتهم"، وأضاف، "قمنا بإيصال احتجاجات النازحين بشأن إغلاق المراكز الصحية للجهات المعنية، لكن لا توجد مؤشرات للتوصل إلى حلول".
"القضية لا تتعلق بالقطاع الصحي فقط، فالقطاعات الأخرى تواجه نفس المشكلة، منها خدمات رفع النفايات، الكهرباء، الماء وقطاع التربية، الخدمات الموجودة توفرها حكومة الاقليم بنفسها".

وقال بير ديان جعفر، إن كل ما تستطيع حكومة الاقليم فعله هو ضمان معاملة النازحين كغيرهم في المراكز الصحية والمستشفيات الموجودة في المدن.

الحكومة العراقية رفعت سقف المنح المالية التي تقدم للنازحين الراغبين بالعودة من مليون و500 ألف دينار إلى أربعة ملايين دينار، فضلاً عن توزيع المستلزمات المنزلية وبعض الامتيازات الأخرى كالتعيينات ورواتب الرعاية الاجتماعية، بهدف تشجيع النازحين على العودة وإغلاق المخيمات.

من المشاكل الأخرى التي تواجه النازحين، عدم توفر الكميات اللازمة من الأدوية ونقص الكوادر الطبية في المراكز الصحية الموجودة داخل المخيمات.

خالد شمو، الساكن في مخيم خانكي، قال "لم أراجع أي مركز صحي في المخيمات منذ ست سنوات بسبب عدم وجود أدوية وأطباء مختصين فيها"، وأضاف، "نضطر للذهاب خارج الخيم من أجل شراء الأدوية وإجراء بعض الفحوصات، قبل اسبوعين سافرت إلى قضاء سيميل لإجراء الفحوص الطبية، مصاريف النقل وشراء الأدوية والفحوصات أثقلت كاهلنا".

رغم أن مدير عام صحة دهوك أكد عدم وجود نوايا لإعادة فتح المراكز الصحية في المخيمات، لكن شاكر علي، النازح المقيم في مخيم بيرسيف-2 تساءل قائلاً "كيف يمكن حرمان أكثر من ألف عائلة في مخيمنا من الخدمات الصحية".

  • FB
  • Instagram
  • Twitter
  • YT