لا تدرك الكثير من السيدات الحوامل حجم الخطر الذي يشكله الهواء الملوث في المطبخ على الجنين، حيث تشير إحصائية للمنظمة العالمية للصحة إلى أن هذا التلوث تسبب بوفاة 237 ألف طفل دون سن الخامسة في عام 2020.
المطبخ يعتبره البعض قلب البيت، لكنه المسؤول الأول عن تلوث الهواء داخل المنزل، نظراً لإستخدام الوقود كالنفط والغاز واستخدام منظفات ومواد كيميائية أخرى لغسل الأواني وغيرها.
أكثر من يرتاد المطبخ في المجتمع العراقي هم النساء لذا فإنهن معرضات لخطر التلوث بشكل مباشر، بالأخص السيدات الحوامل.
ويقول المختصون في مجال الصحة إن الخطر الأكبر يكمن في انتقال الأضرار إلى الجنين دون أن تدرك الحوامل ذلك.
هفين سلام، تزوجت منذ 5 سنوات وهي الآن أم لطفلة، تقول هفين إنها تقضي في كل وجبة ساعة كاملة على الأقل لإعداد الأكل أو غسل الصحون في مطبخها الذي تبلغ مساحته 20 متراً مربعاً.
توجد نوافذ وفتحات تهوية في مطبخ هفين، لكنها تقول إنها لم تكن تعلم بأن تلوث هواء المطبخ يشكل خطراً على صحة الإنسان، تحديداً صحة الحامل والجنين.
مع ذلك تقول إنها تلتزم بفتح النوافذ واستخدام التهوية أثناء طبخ الوجبات.
أثناء فترة الحمل، كانت هفين تستتخدم غاز الطبخ وغالباً ما كانت تعد وجبات مقلية، ما تسبب أكثر بتلوث هواء المطبخ والمنزل بشكل عام، بحسب المختص في مجال الكيمياء البيئية، فرياد سعيد.
فرياد، أستاذ بجامعة السليمانية، قال لـ(كركوك ناو)، "لا شك بأن استخدام الوقود كالنفط الأبيض والفحم أثناء الطبخ يلوث بيئ المنزل لكن طريقة الطبخ ومدته يؤثران على نسبة التلوث، على سبيل المثال، القلي يلوث البيئة بشكل أكبر مقارنةً بالغلي".
الصورة من موقع unsplash بتاريخ 17 حزيران 2025. تصوير: Volodymyr Hryschenko
بعض النشاطات الأخرى في المطبخ منها التنظيف، الكنس، رش المبيدات الحشرية، إيقاد الشموع والبخور وغيرها تساهم في تلويث هواء المنزل، حسبما شدد فرياد سعيد.
دلنيا محمد، أم لطفل بعمر تسعة أشهر تقول إنها خلال فترة حملها كانت تطبخ في غرفة مساحتها ستة أمتار مربعة فقط بدون نوافذ ولم تكن تعلم بشأن أضرار تلوث هواء الأماكن المغلقة على الحوامل والجنين.
دراسة أجراها عدد من مختصي الكيمياء والبيئة في 2022، من ضمنهم فرياد سعيد، شملت 12 مدينة في العالم، أظهرت بأن الوقود، طريقة الطبخ، مدة الطبخ، نوع الطباخ، إلى جانب التهوية، تصميم وحجم المطبخ، عوامل تؤثر على تلوث الهواء في المطابخ.
في مدينة السليمانية التي كانت من ضمن المدن الـ12 التي شملتها الدراسة تم أخذ خمسة منازل كعينات، إجملاً توصلت الدراسة إلى أن الطبخ باستخدام الفحم واستخدام طريقة القلي من النشاطات التي تنتج أكبر نسبة من الملوثات، وجاء فيها بأن نسبة التلوث في هواء المنزل تقل كلما قلت مدة الطبخ.
إخصائي الأمراض النسائية والتوليد، آمانج رحيم زنكنه، يقول بأن أي شيء يؤثر على صحة الحامل يكون له تأثير مباشر على صحة الجنين. "حين يدخل الهواء الملوث رئتي سيدة حامل سيؤثر ذلك أيضاً بشكل مباشر على صحة الجنين".
وأضاف زنكنه، "لذا منعنا الأمهات من استخدام بعض المواد الكيميائية حفاظاً على صحة الجنين، على سبيل المثال ننصحهن بعدم استخدام المنظفات الخاصة بإزالة البقع لأنها ستؤثر على الجهاز التنفسي للأم والجنين كذلك".
وأظهرت إحصائية للمنظمة العالمية للصحة نشرت في عام 2020، أن تلوّث الهواء داخل المنزل حصد أرواح 302 مليون شخص تقريباً، منهم أكثر من 237000 طفل دون سن الخامسة.
التقرير كشف بأن حوالي 2.1 مليار شخص في جميع أنحاء العالم -أي ثلث سكان العالم تقريباً- يطهون طعامهم باستعمال النيران المكشوفة أو المواقد غير الفعالة العاملة بوقود الكيروسين والكتل البيولوجية (الحطب والروث والمخلفات الزراعية) والفحم، ممّا يسبب تلوّث الهواء بشكل ضار داخل المنزل.
تقدم المؤسسات الصحية في العراق وإقليم كوردستان إرشادات للحوامل من أجل سلامتهن وسلامة الجنين، حول ذلك تقول هفين، "لم تكن لدي أي معلومات حول هذه المخاطر، لكن أثناء فترة الحمل تلقيت إرشادات من المراكز الصحية".
وأشارت هفين إلى أنها أثناء فترة الحمل كانت تصاب بالغثيان والتقيؤ وضيق التنفس حينما كانت تعمل في المطبخ.
وتقول دلنيا محمد إنها تستخدم المنظفات والمواد الكيميائية باستمرار في المطبخ لغسل الصحون وتشعر أحياناً بضيق التنفس.
ويشير تقرير المنظمة العالمية للصحة إلى وجود بيّنات تثبت وجود صلات بين تلوّث الهواء داخل المنزل وانخفاض الوزن عند الولادة والإصابة بالسل والساد وسرطان الأنف والبلعوم وسرطان الحنجرة.
وفقاً للدراسة التي أجريت في 12 مدينة مختلفة، تبين أن فتح نوافذ وأبواب المطبخ أثناء الطبخ يقلل مستوى ثاني أوكسيد الكربون بنسبة تصل إلى 54 بالمائة.
ويقول آمانج زنكنه إن السيدة الحامل تحتاج لمزيد من المساعدة، بالأخص فيما يتعلق بالطبخ، "لأنها تحمل في بطنها حياة".
وأضاف، "نطلب من أزواجهن باستمرار الإعتناء بهن ومداراتهن فيما يخص المطبخ، من أجل الحفاظ على صحة الأم والجنين".