قصتي
نجلاء تسعى لتحقيق حلمها في عراق مصغر
نجلاء حبيب، معلمة في مدرسة الزوراء بقضاء الحمدانية تصوير: IOM

كركوك ناو

نجلاء تسعى لتحقيق حلمها في عراق مصغر

  • 2019-06-09

عادت نجلاء إلى منزلها في منطقة الحمدانية في نينوى بحماس وأمل كبيرين، حيث شعرت بالمسؤولية تجاه المساهمة في إعادة إعمار المنطقة واعادة الثقة بين الاطفال الذين ينتمون الى مجموعات عرقية ودينية مختلفة وذلك بعد سنوات من الدمار جراء سيطرة داعش عليها.

وبحكم وظيفتها كمعلمة ، عادت نجلاء إلى مدرسة الزوراء التي اعتادت التدريس فيها. كانت نجلاء فخورة بهذه المدرسة لأن طلابها ينتمون إلى مجموعات عرقية ودينية مختلفة، مما يعكس التنوع في المنطقة.

وعبرت نجلاء عن مشاعرها وقالت، "أشبه مدرستنا بعراق مصغر أي مثل باقة من الزهور الملونة. أريد ان نحتفل جميعنا في المدرسة بهذا التنوع العرقي والديني. هذا ما نحتاجه في العراق وخاصة في الظروف الحالية ".

وبحسب تقرير لمنظمة الهجرة الدولية (IOM)، تقع المدرسة التي تدوام فيها نجلاء بقضاء الحمدانية التابعة لمحافظة نينوى، الطلاب في تلك المدرسة ينتمون الى مجاميع واعراق قومية مختلفة.

يقع قضاء الحمدانية جنوبي شرق محافظة نينوى، يسكنها غالبية مسيحية ويحيط به عدد من القرى الايزيدية والشبكية، ويعتبر بغديدا (قرقوش) مركز القضاء تم استعادته من قبضة داعش في عام 2016.

تلتقي نجلاء بتلاميذها يوميا عند الانتهاء من الحصص. رابر عزيز/ المنظمة الدولية للهجرة في العراق، ٢٠١٩
 

ومع ذلك، بمجرد أن بدأت نجلاء التدريس والتواصل مع الطلاب خلال العام الدراسي الأول، التمست على الفور تغييرا واضحا في سلوك الطلاب.

" كانت الامور على خلاف ذلك قبل داعش، فقد أصبحت السلوكيات العدوانية مثل استخدام الألفاظ البذيئة والمشاجرة منتشرة على نطاق واسع بين الطلاب، وكان هناك الكثير من التوتر بين المجموعات العرقية والدينية المختلفة.

وأضافت، على سبيل المثال، قد يقول الأطفال لبعضهم البعض،" أنت مسيحي أو مسلم وأنا لا أريد اللعب معك". وحتى خلال الأنشطة الرياضية، فإن الطلاب تلقائيًا يستقطبون إلى فرق مسيحية ومسلمة ".

اوضحت نجلاء وجهة نظرها تجاه هذا التغيير الذي يمكن أن يعزى إلى ما عاناه الأطفال، سواء من عنف داعش أو ما مروا به خلال فترة نزوحهم. حيث تركزت العديد من العائلات في مكان واحد وكانت تعيش في ظروف سيئة للغاية أثناء النزوح. فالدمار الذي خلفه داعش في الحمدانية، بالتأكيد أثر على الناس أثناء عودتهم ".

بالعودة إلى مدرسة الزوراء، قررت نجلاء أن تفعل شيئًا حيال التغيير السلوكي لطلابها، وهو ما قد يكون مثالًا يحتذى به في المدارس الأخرى في المقاطعة.

لقد أردنا تغيير حالتهم النفسية ومساعدتهم على بناء الثقة والتغلب على مشاكلهم وحساسياتهم. لذلك، تحدثت إلى مدير المدرسة، وقام الأخير بتخصيص غرفة كمكان مناسب لأنشطة دعم الصحة النفسية،

طلاب من ثماني مجتمعات عرقية ودينية مختلفة في الحمدانية تصوير: IOM

يشمل الدعم الأنشطة الذهنية والبدنية، مثل قراءة القصة معًا أو مشاهدة الرسوم المتحركة ومناقشة السلوك والاخلاق بعدئذ. كما يقوم بعض الطلاب بالتعبير عن مشاعرهم من خلال الرسومات وتعليقها على الحائط لفتح حلقة مناقشة حول كيفية شعورهم ومناقشة كيفية تحويل المشاعر السلبية والعواطف إلى أفكار وطاقات إيجابية.

"لقد رأيت مدى انجذاب الطلاب نحو هذه الأنشطة، حيث كانت مختلفة عن الحصص المعتادة. تساعدهم هذه الأنشطة على الاسترخاء وتخفيف التوتر وبناء الثقة، بالإضافة إلى انني استطعت ان احدد الأطفال الذين يحتاجون إلى عناية خاصة، "

"وبعد ستة أشهر من بدء الأنشطة، تغيرت الأمور بشكل كبير. فالطالب الذي لم يقبل الجلوس واللعب مع زميله الذي ينتمي إلى مجموعة عرقية ودينية مختلفة، قد تغير سلوكه ولم يعد يواجه أي مشاكل في التواصل مع زميله واللعب سويًا ومشاركته نفس المقعد الدراسي بغض النظر عن خلفياتهم.

من المهم جدًا أن يحصل أطفالنا على هذا النوع من المساحات الآمنة . فأطفالنا مرهقون نفسياً وبالتأكيد يحتاجون إلى الترفيه،"

وبناءً على نجاح فكرة نجلاء، تم تشجيع معلمي المدارس الأخرى على اتباع نفس النموذج. كما تدعم مديرية التربية والتعليم في الحمدانية هذه الفكرة.

تقوم نجلاء بإشراك جميع طلابها في المناقشات للتأكد من أنهم يعبرون عما يشعرون به. رابر عزيز/ المنظمة الدولية للهجرة في العراق، ٢٠١٩
 

"نموذج نجلاء فعال مئة بالمئة. فجلوس الطلاب في الغرف الصفية والقيام بنفس الشيء كل يوم مثل رؤية نفس اللوح الأبيض والأقلام ودفاتر الملاحظات والمقاعد الدراسية قد يشعرهم بالملل. ولكن القيام بإعداد غرفة لتيسير الأنشطة اللامنهجية والتعليمية وتوفيرالدعم النفسي والاجتماعي، فإن الأطفال لن يستمتعوا بالأنشطة فحسب، بل سيشعرون بالراحة النفسية أيضًا. لذلك، نحن نؤيد هذا النموذج كليا،" هذا ما صرح به السيد سعيد نبراس خدو شابا، منسق التدريس في مديرية التربية والتعليم في الحمدانية.

تتذكر نجلاء أيضًا كيف عقدت مدرستها حفل التخرج الأول العام الماضي منذ أن بدأ الناس في العودة إلى الحمدانية، وهذا دليل على أن أنشطة التماسك الاجتماعي كان لها تأثير إيجابي في المدارس.

أكثر

  • FB
  • Instagram
  • Twitter
  • YT