مصائب زواج الشغار..
"اما الزواج بابن عمك، أو الموت"

هذه الصورة مأخوذة من موقع unsplash في 27 تموز 2020

ليلى أحمد- كركوك ناو

"ابنة العم هي مُلكُ ابن العم، يجب أن تتزوجي به"، حينما سمعت شيرين يوسف (28 سنة) تلك العبارة من أشقائها رفعت صوتها وقالت "لن اتزوج بابن عمي"، لكن والدتها وأشقاءها قالوا لها "اما الزواج بابن عمك، أو الموت."

بهذه الطريقة أُجبِرَت شيرين، التي كانت تعيش في بلدة طوزخورماتو، قبل أربعة عشر عاماً على أن تكون طرفاً من زواج الشغار (زواج المقايضة أو البدل او ما يعرف محلياً بزواج الكصة بكصة) وخُطِبَت لابن عمها وهي لا تزال في الرابعة عشرة من عمرها.

لم تكن تلك نهاية القصة، فبعد أن رُزِقَت شيرين بطفلين طُلِّقَت، وفي سن الثامنة والعشرين تزوجَت تحت وطأة الضغوط من رجل بعمر السبعين. في الوقت الحاضر، تعيش بجسدها في قرية نائية بمنطقة كرميان فيما قلبها مع طفليها الذين تركتهما وراءها في طوزخورماتو.

"عندما كنت صغيرة، توفي والدي، كنت أدرس وأرغب في أن أدخل الجامعة وأن يكون لي راتب خاص بي، لكن عندما بلغتُ سن الرابعة عشرة تغير كل شيء، أخرجوني من المدرسة وقالوا لي أن وقت زواجي قد حان"، هذا ما قالته شيرين يوسف لـ(كركوك ناو).

عندما بلغتُ سن الرابعة عشرة تغير كل شيء، أخرجوني من المدرسة وقالوا لي أن وقت زواجي قد حان

وتابعت شيرين قائلةً "والدتي وأشقائي قالوا بأن علي الزواج بابن عمي، لأن عائلة عمي سيُزَوِّجون ابنتهم لشقيقي، لم أكن أرغب بالزواج، لكنهم قالوا: ابنة العم لابن العم."

حينها أجهشت شيرين بالبكاء وقالت لوالدتها وأشقائها "دعوني أدرس، لا أريد أن اتزوج ابن اعمي"، لكن شقيقها أصرّ قائلاً "اما ان تتزوجي ابن عمك أو تموتي."

 بهذا الشكل أُجبِرَت شيرين على أن تكون طرفاً في زواج كانت ترفضه بتاتاً.

kchan

تصوير: Sage Friedman ، هذه الصورة مأخوذة من موقع unsplash في 2 تموز 2020

بعد مرور سنوات على ذلك الزواج وفي فترة حرب داعش في 2014، قُتِلَ شقيق شيرين في المعركة، وتلك كانت بداية مأساة أخرى لهذه الامرأة.

"بعد انتهاء مراسيم عزاء شقيقي، عادت زوجة شقيقي مع أطفالها الى بيت أبيها وقالت لن أعود لمنزل والدتك مرة أخرى... عائلة عمي طلبوا أن يتزوجها أحد اشقائي، لكنهم قالوا لا نستطيع الزواج من زوجة شقيقنا"، من هنا نشأت مشكلة أخرى بين العائلتين.

تقول شيرين "تدهورت علاقتنا، كنت أعيش مع زوجة أخي في منزل واحد، لكنها هددتني بأنها ستغص علي عيشي كما حدث معها، لا أعرف لماذا باتت تُكِنّ لي البغض."!

بحسب شيرين فان علاقتها بأخيها كانت "جيدة جداً" الى حين وفاته، لكنها تعرضت للإهانة والضرب بعد موته.

"قبلت بكل شيء، في سبيل احتفاظي بأطفالي وكنت أعيش في بيت حماتي، طردني من البيت عدة مرات وكان يمنعني من رؤية أطفالي، لكن دون جدوى، فقد طلقني في 2017 وطردني من البيت."

وأضافت شيرين "قضيت جُلَّ حياتي في المشاكل والاهانات، عندما كنت حاملاً بطفلتي، كان زوجي يضربني الى أن تنهك قواه."

شيرين أم لولد وبنت، يعيش طفلاها مع والدهم، وقلّما تستطيع رؤيتهما.

عندما عادت القوات العراقية الى طوزخورماتو وباقي المناطق المتنازع عليها في 16 تشرين الأول  2017 وبعد اندلاع المواجهات، نزحت شيرين مع والدتها صوب احدى قرى قضاء كفري في منطقة كرميان ومن هناك توجهتا الى ناحية رزكاري التابعة لقضاء كلار.

"في أحد الأيام زارنا أحد أقاربنا وقال ابنتكم مطلقة والأوضاع غير ملائمة لها في النزوح، من الأفضل لها أن تتزوج"، لكن شيرين قالت "لن أتزوج ما دمت حية، لأنني عانيت الكثير، لكن مرة أخرى أُجبِرت من قبل والدتي وأشقائي الذين قاموا بتهديدي."

اضطرت شيرين الى الزواج مرة أخرى من رجل في قرية نائية في كرميان، الرجل يبلغ من العمر 70 سنة، تزوج قبل ذلك مرتين، احداهما توفيت والأخرى طريحة الفراش وغير قادرة على المشي."

"أقوم برعاية ثلاثة أطفال للامرأة التي توفيت، كما أعتني بالامرأة المريضة أيضاً... بجانب ذلك أحمل على عاتقي أعمال الزراعة وتربية المواشي."

زوج شيرين السابق تزوج امرأةً أخرى وأطفال شيرين يعيشون الآن مع زوجة أبيهم.

"لا أكف عن البكاء كل يوم، أشتاق لأطفالي، دائماً أتساءل كيف حالهم يا ترى، يا ليتني كنت أستطيع أن أراهما وأعتني بهما."

في بداية هذا العام، ذهبت شيرين خفيةً الى طوزخورماتو لكي تلتقي بابنها وابنتها.

"توجهت لبيت أحد أقربائي، وقد أحضر اليّ الأطفال خلسةً، كانوا يبدون منهكين، أخذتهم في أحضاني، أطعمتهم وكسيتهم ثم ذهبوا."

زواج الشغار والزواج الاجباري، ظاهرة اجتماعية قديمة، رغم المشاكل التي تنشأ عنها في المستقبل لا تزال هذه الظاهرة موجودة في المجتمع العراقي، وبالأخص في القرى.

شيرين كانت واحدة من مئات النساء اللواتي يدفعن ضريبة زواج الشغار والزواج الاجباري، ولم يقفوا عند هذا الحد بل حرموها من فلذات أكبادها.

* شيرين يوسف اسم مستعار

  • FB
  • Instagram
  • Twitter
  • YT