بلكانه: القرية التي لم تَسلَم من الصراعات طوال ثلاثة أعوام

كركوك/ أيلول 2020 / قرية بلكانه الواقعة ضمن حدود ناحية سركران في قضاء الدبس شمال غربي محافظة كركوك    تصوير: كاروان الصالحي

كاروان الصالحي – كركوك

تشهد قرية بلكانه منذ ثلاث سنوات حالة من التوتر و الصراع بين قوميتين و حكومتين، دون أن يملك أي من الطرفين مفاتيح حسم مشاكل المنطقة.

بعد أحداث 16 أكتوبر 2017، اندلعت نزاعات بين الكورد و العرب عدة مرات حول ملكية الأراضي الزراعية في قرية بلكانه التابعة لمحافظة كركوك.

"لدينا وثائق رسمية من المحكمة و مديرية الزراعة تثبت بأن هذه الأراضي تعود ملكيتها الى آبائنا و أجدادنا، الا أن العوائل الكوردية المتواجدة في القرية ليست لديهم أية وثائق"، يقول أحمد غزال، أحد شيوخ عشائر الشمر.

palkana (1)-1

كركوك/ أيلول 2020 / قرية بلكانه تتبع محافظة كركوك ادارياً، الا أن ملفها الأمني يُدار من قبل قيادة عمليات صلاح الدين    تصوير: كاروان الصالحي 

تجمع عدد من شيوخ عشيرة الشمر يوم الثلاثاء، 15 أيلول، في قرية الرافدين القريبة من قضاء الدبس على بعد 20 كيلومتراً من قرية بلكانه و طالبوا بعودتهم الى أراضيهم الزراعية في بلكانه.

و يرجع سبب نقل مكان التجمع الى قرية الرافدين بدلاً من بلكانه الى منع القوات الأمنية التغطية الاعلامية و وصول الصحفيين الى هناك، حسبما قال شيوخ عشيرة الشمر.

غزال قال لـ(كركوك ناو) "عتبنا موجّه الى النواب العرب، وصلوا على أكتافنا الى البرلمان و الآن يديرون ظهورهم لمشاكلنا."

بلكانه و عدة قرى أخرى ضمن حدود ناحية سركران في قضاء الدبس شمال غربي محافظة كركوك شهدت نزاعات بين الأهالي حول ملكية الأراضي في أكثر من 10 مناسبات، يقول الكورد بأنهم يتعرضون لضغوط بهدف طردهم من أراضيهم، بينما يصر العرب على أنها مناطق سكناهم.

يوسف محمد علي، مختار قرية بلكانه، قال لـ(كركوك ناو) "في عام 1975 رَحَّل حزب البعث أهالي 12 قرية تابعة لناحية سركران، من ضمنها قريتنا، جلبوا عرباً وافدين الى مناطقنا و نحن رحلنا عن القرية، بعد عام 2003 عدنا مرة أخرى الى أراضينا."

وفقاً لقرارات المجلس الأعلى للثورة ولجنة شؤون الشمال في عهد النظام البعثي والتي كان يترأسها صدام حسين، وزِّعَت أراضي الكورد في أواخر السبعينات على العرب الوافدين من وسط وجنوب العراق على هيئة عقود زراعية، وذلك في اطار حملات التعريب والتهجير القسري للعوائل الكوردية، الا ان المزارعين الكورد عادوا مرة اخرى الى اراضيهم في 2003 بعد سقوط نظام البعث.

palkana
كركوك/ 14 ايار 2019/ نشوء توترات بين الكورد والعرب في قرية بلكانة

"بعد عملية تحرير العراق عدنا و استأنفنا حياتنا الطبيعية، انشغلنا بأعمالنا، لكن بعد أحداث 16 أكتوبر داهمنا العرب مرة أخرى بدعم القوات الأمنية و و وضعوا أيديهم على عدد من المنازل الخالية من سكانها"، يوسف محمد اشار الى أن القبائل العربية حاولوا تثبيت اقدامهم في القرية 12 مرة لحد الآن.

في 16 أكتوبر 2017، عادت قوات الحكومة الاتحادية الى كركوك و انسحبت قوات البيشمركة نتيجة الخلافات التي نشأت بين بغداد واربيل بسبب الاستفتاء على استقلال اقليم كوردستان.

النزاع الأخير في بلكانه حدث قبل عدة أيام، لكن قبل حدوث صدامات تمت تهدئة الأوضاع.

مختار قرية بلكانه طالب الجهات العليا بالإسراع في حل الأزمة و و وضع حد للأوضاع الغير مستقرة التي تشهدها المنطقة.

قرية بلكانه، من ضمن 42 قرية في ناحية سركران، تقع شمال غربي محافظة كركوك، يقطنها قرابة 25 عائلة، تبلغ مساحة أراضيها أكثر من 60 ألف دونم. أراضيها خصبة و فيها كميات غير محددة من النفط .

حميد هليل فرحان، أحد المواطنين العرب الذين يحاولون العودة الي بلكانه قال "نحن نمثل السكان الأصليين للقرية، قسم من الكورد المتواجدون هناك هم من أهالي مدينة الحسكة (كوردستان سوريا) و القسم الآخر جاؤوا من مهاباد (كوردستان ايران)، اضافةً الى عدد من العوائل القادمة من دهوك."

في أيار 2019، صرًح راكان سعيد، محافظ كركوك وكالةًن في مؤتمر صحفي بأن "السكان الحاليين في قرية بلكانه من أهالي مهاباد الايرانية"، و دافع عن محاولات العوائل العربية للعودة.

حميد هليل أوضح لـ(كركوك ناو) قائلاً "نحن لسنا أهالي مناطق أخرى، أسمائنا وردت في التعداد السكاني الذي أُجري عام 1957، بطاقة الأحوال الشخصية لوالدي تعود لعام 1928 و مكتوب عليها سركران، لذا نحن نطالب بحقوقنا، كما أن لدينا كتاب من المحكمة لكن القوات الأمنية تقف في طريقنا."

وفقاً للوثائق التي نشرها من قبل مكتب تنفيذ المادة 140 من الدستور العراقي، أعربت عدة قبائل عربية في ثمانينات القرن الماضي عن طريق رسالة رغبتهم في السكن محل العوائل الكوردية في حدود ناحية سركران بناءً على طلب من الحكومة العراقية برئاسة صدام حسين.

في حين طلب راكان سعيد، محافظ كركوك وكالةً، في كتب رسمية، تحتفظ (كركوك ناو) بنسخ منها، وجَّهَها الى قائممقام الدبس و قيادة عمليات صلاح الدين في تشرين الثاني 2017، بتسهيل عودة المواطنين العرب الى بلكانة و القرى الأخرى في ناحية سركران.

هونر كريم رحمن، من سكنة قرية بلكانه، قال لـ(كركوك ناو) "هذه ارض أبائنا و اجدادنا و لن نسمح للعرب بمصادرتها"، و اضاف "اذا كانت القيادة الكوردية قد باعتنا أو تخلّت عنا فليعلنوا ذلك" مشيراً الى تجاهلهم لمشاكلهم.

هذه ارض أبائنا و اجدادنا و لن نسمح للعرب بمصادرتها

بحسب هونر، فإن ستة عوائل عربية فقط استقرت في القرية بدعم من القوات الأمنية.

بالرغم من أن قرية بلكانه تتبع محافظة كركوك ادارياً، الا أن ملفها الأمني يُدار من قبل قيادة عمليات صلاح الدين.

(كركوك ناو) حاولت مراراً أخذ تصريحات من مسؤولي الجهات المعنية بملف الأراضي الزراعية، بالأخص دائرة الزراعة في سركران، لكنها لم تحصل على شيء.

في ايار 2019، شهدت قرية بلكانه حالة من التوتر و الاحتقان، بعدما اقتحمها اكثر من 100 شخصا ينتمون الى قبيلة الشمر القرية وطالبوا أهاليها بترك القرية واخلاء منازلهم، غير أن ادارة المنطقة بتدخل عدد من نواب البلمان و المسؤولين نزعوا فتيل الأزمة مؤقتاً.

مدير ناحية سركران عبد المطلب عبد المجيد قال حينها في مؤتمر صحفي حضره مراسل (كركوك ناو) بأن مشكلة أراضي قرية بلكانه الزراعية قد عولجت بصورة مؤقتة بانتظار حسم ملكيتها من قبل المحكمة.

 حل قضية النزاع حول ملكية الأراضي الزراعية يأتي في اطار المرحلة الأولى من المادة 140 من الدستور العراقي التي وضِعَت لتقرير مصير كركوك والمناطق الأخرى المتنازع عليها بين الحكومة العراقية وحكومة اقليم كوردستان وفق آليات تشمل تطبيع الأوضاع، اجراء التعداد السكاني يتبعه استفتاء تقرير المصير.

 

  • FB
  • Instagram
  • Twitter
  • YT