مواطنو تلعفر: متعايشون بسلام ونخشى التأجيج الطائفي لأهداف سياسية

نينوى، 2020، احدى شوارع مدينة تلعفر، تصوير جعفر التلعفري

جعفر التلعفري - نينوى

"منذ سنتين رجعتُ إلى منزلي في حي العروبة شمال تلعفر (منطقة ذات أغلبية سنية)، وباشرتُ في عملي الوظيفي وأطفالي في مدارسهم، دون أن نتعرض إلى أي مضايقات من أي جهة حكومية أو عشائرية، فتلعفر مدينتي كما مدينة الآخرين، بل تربطني بالآخرين علاقات تجارية بغض النظر عن انتماءاتهم الطائفية"، يقولها خالد عمر بكل ثقة.

ويضيف لـ(كركوك ناو)، أن "الصراعات الطائفية التي يحاول بعض السياسيين إشعالها من جديد، لن تنطلي على أبناء تلعفر، ولن يكونوا حطباً لنيرانهم التي يسعون لتجديدها بعد أن ولت للأبد".

 وتقع تلعفر شمال غرب العراق، وتبعد عن مدينة الموصل حوالي 70 كم، يقدر عدد سكانها بنحو 220 ألف نسمة وتسكنها أغلبية من التركمان.

من جانبه حذّر النائب التركماني مختار الموسوي، من ما أسماه "التدخل السلبي في خصوصية منطقة تلعفر"، وعده "محاولةً لتأجيج الفتنة الطائفية داخل المكون التركماني والتي خمدت نيرانها بفضل الأخيار من الحكماء السياسيين والعشائر التركمانية الأصيلة".

وأضاف الموسوي، في بيان الخميس، 17 أيلول 2020، أن "ممثلو المناطق التركمانية عملوا على قدمٍ وساق لإرجاع أهالي تلعفر النازحين إليها سواءً من الساكنين في المحافظات العراقية أو خارج البلاد".

وتابع قائلاً "يبدو أن نهضة ووحدة العشائر والقوى السياسية التركمانية في نينوى عامة وتلعفر  خاصة واستشعار التركمان بما يخطط ضدهم من مؤامرات، أزعج بعض القوى السياسية التي تنتعش على خلافات أبناء الوطن الواحد".

 من اسواق تلعفر تصوير جعفر التلعفري 2020 (5)
نينوى، 2020، لقطة من اسواق تلعفر، تصوير جعفر التلعفري

وأصدرت جبهة الإنقاذ والتنمية، الثلاثاء، 15 أيلول 2020، بياناً قالت فيه أنه "بعد التحرير السلس الذي أشر علامات استفهام كبيرة مقارنة مع ما جرى لمدينة الموصل، ودخول الفصائل المسلحة، تمت سرقة بيوت المواطنين (في تلعفر)، وهدم الكثير منها، وإحراق بعضها على وفق منهج طائفي، ومورست عمليات الاختطاف والقتل والإخفاء القسري، وبعد مرور سنوات أربع ما زالت هذه الفصائل تمنع عودة الآلاف من العوائل السنية التلعفرية، ما يتطلب تدخلا حازما من قبل الحكومة".

 جبهة الإنقاذ والتنمية: بعد مرور سنوات أربع ما زالت هذه الفصائل تمنع عودة الآلاف من العوائل السنية التلعفرية، ما يتطلب تدخلا حازما من قبل الحكومة

وذكر البيان أنه "برغم أن المكون السني في مدينة تلعفر يمثل غالبية السكان، فقد تم سلب جميع المناصب والوظائف المهمة منهم على المستويات الإدارية والعسكرية والأمنية، ما يعني تطبيق منهج معاد، لا يقــره شرع أو قانون، بل ينتهك مواداً أساسية في الدستور".

مردفاً إن "الإصرار على منع المواطنين التركمان السنة من العودة إلى تلعفر من مدينة الموصل أو من تركيا يؤشر حقيقة وجود عملية تغيير ديموغرافي تنتهج من قبل العناصر المسلحة التي تسيطر على المدينة".

وقع قضاء تلعفر تحت سيطرة تنظيم داعش عام 2014، واستعادتها القوات الأمنية في أب 2017. وينتشر نازحو تلعفر في عددٍ من المحافظات الجنوبية والوسطى، لا سيما النجف وكربلاء وبابل، إلى جانب إقليم كردستان، وكركوك وتركيا.

النائبة لليال محمد علي: بيان جبهة الإنقاذ ليس أكثر من دعايةً انتخابيةً مبكرة، من اجل الحصول على مكاسب انتخابية والعمل على تأجيج الأوضاع في محافظة نينوى

من جانبها قالت النائبة لليال محمد علي، أن "بيان جبهة الإنقاذ ليس أكثر من دعايةً انتخابيةً مبكرة، من اجل الحصول على مكاسب انتخابية والعمل على تأجيج الأوضاع في محافظة نينوى عموما وقضاء تلعفر بشكل خاص، وخلط الأوراق وإشعال الفتنة الطائفية مرة أخرى بين مكونات القضاء".

وأكدت، في بيان الأربعاء، 16 أيلول 2020، أن "أهالي تلعفر بسنتهم وشيعتهم طووا صفحة الطائفية وغادروها دون رجعة، واتجهوا لبناء مدينتهم والعمل على استقرارها والتعايش السلمي تحت راية القومية التركمانية التي تجمع جميع الأطياف ولا تفرق بين سني أو شيعي".

ولفتت بالقول "نحن نواب تلعفر وأهلها عملنا ومازلنا نعمل لعودة جميع النازحين إلى القضاء الذين تركوا ديارهم ومدينتهم وذاقوا الويلات من الإرهاب الداعشي بسنتهم وشيعتهم هؤلاء أهلنا وأمانة في أعناقنا"، مهددةً "سيكون لنا رد حازم في مجلس النواب لإسكات هذه الأصوات النشاز التي تحاول تفكيك النسيج المجتمعي في قضاء تلعفر".

 لشباب تلعفر نظم لتعزيز التعايش السلمي في المدينة 2019 تصوير جعفر التلعفري
نينوى، 2019، ماراثون لشباب تلعفر نظم لتعزيز التعايش السلمي في المدينة، تصوير جعفر التلعفري

أما الناشط المدني، مهند علي فيؤكد لـ(كركوك ناو)، أن "تلعفر تعيش بسلام ومحبة وأهلها متعايشون وعادت علاقات المصاهرة والتجارة المشتركة كما كانت قبل 2003 بل أكثر تماسكاً، وعادت ليالي السمر والجلسات التي تضم التركمان من مختلف طوائفهم المذهبية، فما يجمعهم أكثر مما يفرقهم، بعد أن اقتنعوا أنهم كانوا أدوات لتنفيذ مخططات سياسية لم ينالوا منها سوى القتل والعنف ودمار مدينتهم".

وتؤكد إحصائيات رسمية أن نحو 55% من سكان تلعفر عادوا إلى منازلهم في مختلف الأحياء، فيما يشير مسؤولون ومنظمات مجتمع مدني، أن العوائق التي تحول دون عودة باقي النازحين تتمثل في الدمار الذي وقع على المدينة وقلة فرص العمل والوضع الاقتصادي المتردي، واستقرار بعض العوائل في المناطق التي نزحوا إليها، إلى جانب أن البعض متهم بارتكاب جرائم قتل واختطاف وتفجير للمنازل ولا يمكنه العودة خشية تعرضه للمحاسبة القانونية.

وأفاد الحقوقي خليل محسن، معاون مدير قطاع صحة تلعفر، لـ(كركوك ناو)، في 20 تموز 2020، أن "330 نازحاً عاد إلى تلعفر من تركيا، ووفقاً للتعليمات المعمول بها تمّ استقبالهم وحجرهم وفق الضوابط، وإجراء الفحوصات بعد إرسال عينات إلى مختبر الصحة العامة". 

بينما كشف قائممقام تلعفر قاسم محمد شريف، لـ(كركوك ناو) في 1 كانون الثاني 2020، عن عودة "ألف مواطن نازح من أهالي تلعفر خلال الشهرين الأخريين من العام 2019، من تركيا".

 

  • FB
  • Instagram
  • Twitter
  • YT