أين هم مفقودونا؟
نكث المسؤولين لوعودهم يثير سخط الايزيديين

دهوك/ 2019/ فتاة ايزيدية ناجية من قبضة داعش تعود الى كنف اسرتها في مخيم للنازحين   تصوير: خاص بـ(كركوك ناو)

عمار عزيز – نينوى

مضت سبع سنوات و جهاد رفو يستمع للوعود غير المجدية التي يطلقها مسؤولو البلد بتحرير أهاليهم وأقربائهم المختطفين منذ سنوات. زوجة جهاد، ثلاثة من أطفاله و والداه إضافةً الى ستة آخرين من اقربائه وقعوا في قبضة مسلحي تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام (داعش) في آب 2014.

  "بعد جهود حثيثة وبعد دفع مبلغ 26 ألف و 500 دولار، تمكنت من تحرير زوجتي وأطفالي في آذار 2016"، كما قال جهاد لـ(كركوك ناو)، وذلك بعد عامين من انتظار غير مجدٍ لما ستؤول اليه وعود المسؤولين في العراق واقليم كوردستان.

"جمعنا المال بأنفسنا، لكننا استعدنا ذلك المبلغ بعدها من مكتب إنقاذ المختطفين الايزيديين، منذ ذلك اليوم وأنا أنتظر عودة أمي وأبي وأقربائي."

لعبت وساطة بعض الشخصيات ورجال الأعمال دوراً في تحرير المختطفين الايزيديين مقابل الأموال.

"مضت سبع سنوات، الى متى سننتظر، أبكي والديّ لحد الآن كطفل صغير، كيف يسمح وجدان المسؤولين لهم بالسكوت وتجاهل المختطَفين؟"

يعيش جهاد رفو في مخيم قاديا للنازحين بمحافظة دهوك منذ سبع سنين، وهو الآن يشعر باليأس من جدوى الخطوات المتخذة لتحرير أحبائه وعودتهم مرة أخرى الى ديارهم، وذلك على حد قوله.

سيطر مسلحو تنظيم داعش على قضاء سنجار في آب 2014، واختطف التنظيم ستة آلاف و 417 ايزيدي، تم تحرير أكثر من ثلاثة آلاف و 500 منهم، فيما لا يزال مصير أكثر من ألفين و 780 شخص مجهولاً، حسب آخر احصائيات مكتب إنقاذ المختطفين الايزيديين التابع  لحكومة اقليم كوردستان.

ezdidi-1

طفلة ايزيدية تشارك في مراسيم استذكار "الابدة الجماعية" التي تعرض لها الايزيديون في أعقاب هجوم مسلحي داعش على عدة مناطق في نينوى   تصوير: منظمة يزدا 

حسين قايدي، مسؤول مكتب إنقاذ المختطفين الايزيديين قال لـ(كركوك ناو)، "عملية تحرير المختطفين لم تتوقف، صحيح بأن عدد المحرَّرين قليل لكن للأسف الحكومة العراقية و المنظمات الدولية لا تقدم لنا العون، الدعم الموجود هو من حكومة اقليم كوردستان فقط."

وعزا قايدي أسباب تراجع جهود إنقاذ المختطفين الى تداعيات جائحة كورونا والاجراءات الوقائية المصاحبة لها، إغلاق الطرق والمعابر بين العراق وسوريا.

وكشف مسؤول مكتب إنقاذ المختطفين الايزيديين بأن معلوماتهم تشير الى أن "أكثر من 400 مختَطَف ايزيدي يتواجدون الآن في مخيم الهول غرب كوردستان في سوريا.

حسب متابعات (كركوك ناو) لما يُعلَن بخصوص تحرير المختطفين والتي تنشرها للرأي العام، تم تحرير مختطف ايزيدي واحد منذ بداية هذا العام.

هل من المعقول أن لا يُكشَف مصير أهالينا بعد مرور سبع سنوات

أردوان محسن (15 سنة) هو اسم المختطف الوحيد الذي عاد مساء يوم 25 أيار 2021 الى كنف عائلته، لكن مصير والدته، اثنين من شقيقاته و أحد أشقّائه لا يزال مجهولاً.

محسن خدر، والد اردوان قال لـ(كركوك ناو) بأن قوات آسايش (أمن) غرب كوردستان عثرت على ابنه في مخيم الهول بسوريا.

وفقاً لمتابعات (كركوك ناو) المئات من النساء والفتيات الايزيديات اللائي يعشن في مخيم الهول غير قادرات على العودة الى العراق بعد تحريرهم من قبضة داعش لأسباب متعددة تتعلق بالخوف، إنجاب أطفال من مسلحي داعش و تغيير الديانة.

مخيم الهول  هو أحد أكبر المخيمات في سوريا و يقع شرقي مدينة الحسكة. يضم المخيم 72 ألف شخص معظمهم من أقارب مسلحي داعش ، بينهم نساء و أطفال أجانب، سوريون و عراقيون.

alhol2

سوريا/ نساء وأطفال في مخيم الهول شرقي مدينة الحسكة   تصوير: أرشيف (كركوك ناو)

"التقينا عدة مرات بمسؤولين كبار في الحكومة العراقية و منظمة الأمم المتحدة، الجميع يعدون بتحرير المختطفين، هل من المعقول أن لا يُكشَف مصير أهالينا بعد مرور سبع سنوات ولا نذكرهم إلا في المراسيم والمناسبات الاستذكارية؟"، هذا ما قاله مروان جدعان، ممثل ذوي مفقودي قرية كوجو التابعة لسنجار.

أقدم داعش في قرية كوجو على اختطاف المئات، كما ارتكب "مجازر جماعية" بحق سكانها وقام بدفن الضحايا في مقابر جماعية، قبل أن يتم التعرف على هويات رفات عدد من الضحايا في شباط 2021 وإعادة دفنهم.

مروان الذي حُرِّر قبل أيام كل من زوجته وأربعة من أطفاله، غير راض عن المساعدات التي تمنحها الحكومة، "عائلتي لم تستلم مبلغ المليوني دينار،... لأن ذلك يحتاج الى واسطات.. بصورة عامة، لا احد يسأل عنا وعن مصير الضحايا."

الحكومة العراقية خصصت  مبلغ مليوني دينار كمساعدات لكل ناجٍ ايزيدي.

صرف تلك المنحة المالية كان قبل إقرار قانون الناجيات الايزيديات الذي دخل حيّز التنفيذ في آذار من هذا العام والذي خُصِّصَت احدى فقراته لعملية البحث عن المختطفين الايزيديين والأقليات الأخرى داخل وخارج البلاد، مع وضع حل قانوني للمفقودين.

بموجب قانون رعاية القاصرين رقم 78 لسنة 1980، بإمكان المحكمة اعتبار المفقود متوفياً اذا حصلت على حجة وفاة أو مضت أربع سنوات على فقده.

أغلب المختطَفين الذين لم يتم تحريرهم بعد، من الإناث والأطفال

داود مراد، ممثل قسم من ذوي الضحايا الايزيديين، قال لـ(كركوك ناو)، "حسب معلوماتنا، أغلب المختطَفين الذين لم يتم تحريرهم بعد، من الإناث والأطفال، لأن الرجال استُشهدوا."

الى جانب المختطفين، تشير احصائيات حكومة الاقليم الى مقتل ألف و 293 ايزيدي جراء هجمات داعش.

ينظر مراد بريبة الى وعود تحرير الايزيديين ويقول "الذين يقولون ذلك لا يَصْدِقون، لأن البحث عن المفقودين في مخيم الهول أمر صعب والمسؤولون تجاهلوا ملف المختطفين بالكامل."

في 19 أيار 2021، أطلقت مجموعة من الناشطين الايزيديين حملة على شبكات التواصل الاجتماعي تحت وسم "أنقذوا_الايزيديات_المختطفات.".

marasim

نينوى/ 6 شباط 2021/ مراسيم إعادة دفن رفات 104 ايزيدي من ضحايا داعش في قرية كوجو التابعة لقضاء سنجار   تصوير: ابراهيم ايزيدي

سوزان سفر، مديرة منظمة (داك) لتنمية النساء الايزيديات قالت لـ(كركوك ناو) "شاركنا في تلك الحملة لممارسة الضغط على الحكومة العراقية لمساعدة مكتب إنقاذ المختطفين والكشف عن مصير النساء والفتيات المفقودات."

ولفتت سوزان الى أن الضغوط التي كانت تمارس قبل "لم تثمر عن شيء."

"عن طريق هذه الحملة، نقول للحكومة العراقية الى متى السكوت و غياب المواقف إزاء ملف المختطفين"، وطالبت سوزان سفر بتشكيل لجنة عليا في العراق بالتنسيق مع حكومة الاقليم لحسم مصير المختطفين.

في تشرين الثاني 2017، أعلنت الحكومة العراقية نهاية تنظيم داعش في العراق، لذا علّق ذوو المفقودين آمالهم على العثور على أحبائهم في سوريا، وخصوصاً في مخيم الهول.

جوهر علي بك، نائب أمير الايزيديين لشؤون الاعلام والعلاقات، قال لـ(كركوك ناو) "مشكلتنا الرئيسية هي أننا لا نستطيع دخول مخيم الهول، لأن الأشخاص الموجودين   في المخيم والذين يطبقون نفس نظام داعش، يشكلون خطورة كبيرة ويمثلون عائقاً رئيسياً."

كما أوضح بأن "النساء والفتيات الايزيديات لا يستطعن الكشف عن هوياتهن خوفاً من عوائل مقاتلي داعش."

أكثر من 30 ألف عارقي، بينهم نساء وأطفال مسلحي داعش يتواجدون في مخيم الهول بسوريا، فيما تسعى الحكومة العراقية الى إعادتهم وإسكانهم في مخيم الجدعة جنوبي محافظة نينوى.

نحن غاضبون جداً ومستاؤون

"العديد من البلدان الأوروبية أخرجوا نساءهم وفتياتهم من ذلك المخيم، لكن لا أحد يفعل شيئاً للايزيديين، نعتب كثيراً على الحكومة العراقية كونها لم تبذل أي جهد لتحرير المختطفين"، حسبما قال جوهر علي بك.

وقال نائب أمير الايزيديين، "نحن متلهفون أكثر من أي شخص آخر لإنقاذ المختطفين" و هم على تواصل دائم مع المسؤولين في كردستان سوريا (شمال سوريا) لإيجاد طريقة لتحرير الايزيديين، وحالياً يسعون من خلال لجنة للبحث عنهم بين العوائل التي تتم إعادتهم الى مخيم الجدعة.

شهدت السنوات السبع الماضية العديد من التجمعات الاحتجاجية للمطالبة بالكشف عن مصير المختطَفين.

وقالت ساميا قاسم، عضوة شبكة الشباب الايزيدية، لـ(كركوك ناو) "نحن غاضبون جداً ومستاؤون... مصير مفقودينا لا يزال مجهولاً رغم مرور سبع سنوات، يجب على الجميع أن يولوا اهتماماً لهذه القضية، حتى الله لن يقبل بما يحدث، لذا لن نسكت ابداً."

 

  • FB
  • Instagram
  • Twitter
  • YT