بعد أربع سنوات على استعادة المدينة..
الموصليون ينتظرون معانقة جامع النبي يونس لقصر اسرحدون

نينوى، 2014، اثار الدمار الذي لحق بجامع النبي يونس اثر تفجيره من قبل تنظيم داعش، تصوير من مواقع التواصل الاجتماعي

ولاء الحمداني – نينوى

اربع سنوات مضت على استعادة مدينة الموصل كبرى مدن محافظة نينوى من سيطرة تنظيم الدولة "داعش"، وما زالت هذه المدينة الى اليوم تعيش اثار تلك الحقبة التي دمر فيها اغلب البنى التحتية ومعالمها الثقافية والدينية ابرزها جامع ومرقد النبي يونس.

تنظيم داعش بعدما احكم قبضته على الموصل بأكملها في العاشر من حزيران عام 2014 اقدم بعد شهر واحد وبضعة ايام على تفجير جامع النبي يونس في 24 من شهر تموز من العام نفسه.

ولهذا الجامع اهمية خاصة لدى الموصليين وما زال اثار ركام تفجيره شاخصة للعيان منذ سبع سنوات مضت.

ولا يزال الجامع ركاما  الى الان

"ما يؤخر اعادة اعمار النبي يونس هو وجود الاثار في داخل تل التوبة" هذا ما قاله عمار العلي الذي يعمل في قسم الاعلام لديوان الوقف السني.

جامع ومرقد النبي يونس تم بناءه على تل مرتفع عمن سواه ب40 متر تقريبا يطلق عليه "تل التوبة"، لكن التحريات الاثارية اكدت ان البناء وقع على احد القصور الاشورية التابع للملك  أسرحدّون ابن سنحاريب وحفيد سرجون (680 – 669) قبل الميلاد.

لذلك ابرمت دائرة الاثار في محافظة نينوى عقدا مع شركة تنقيب المانية يمتد لخمس سنوات للتنقيب داخل التل، حسب قول العلي الموظف في الوقف السني لـ(كركوك ناو).

mosal-6
نينوى، جامع ومرقد النبي يومس قبل تهديمه

خير الدين احمد معاون مفتش اثار نينوى والذي عمل مشرفا على البعثة الالمانية يؤكد ذلك ويقول بان دائرته كانت قد ابرمت عقدا يمتد لخمس سنوات "للاعمال التوثيقية" في تل التوبة بدات في عام 2018 واستمرت حتى اواخر 2019 وبدايات عام 2020 لتتوقف البعثة عن اكمال مهامها بسبب "جائحة كورونا".

اعمال التنقيب تتم بالتعاون بين جامعة هايدلبرج الالمانية وخبراء الاثار في مديرية اثار نينوى"

"اعمال التنقيب تتم بالتعاون بين جامعة هايدلبرج الالمانية وخبراء الاثار في مديرية اثار نينوى" يوضح معاون مفتش اثار نينوى. وعن مصير القطع الاثرية المكتشفة؛ يوكد بانها ستسلم الى الهيئة العامة للتراث والاثار في بغداد بحسب ما نص عليه العقد المبرم.

اما عن مستقبل الجامع بعد اكتشاف الاثار يؤكد احمد لـ(كركوك ناو) بأن الجامع سيعاد بناؤه من جديد وفي نفس موقعه الاصلي دون تأثر بالاثار المكتشفة في تل التوبة، بعد اكمال التنقيبات. 

مشيرا الى ان الجامع سيجاور قصر اسرحدون اذ ان اثار نينوى ستعيد بناء وترميم القصر وتجعله "متاحا للسواح في القريب العاجل".

ويستدرك احمد بالقول بان جامع النبي يونس ستعود ملكيته لديوان الوقف السني كون تل التوبة ملكية تابعة للوقف اما قصر اسرحدون فستعود ملكيته لاثار نينوى حتى وان اقيم على ارض تابعة للوقف السني.

الدعاية انتخابية تدخل على الخط

وزير الصناعة والمعادن منهل الخباز وعد اهالي الموصل من خلال مؤتمر صحفي عقد يوم الجمعة الماضية 2 تموز 2021، بمحافظ نينوى باعادة بناء الجامع "خلال عشرة ايام فقط ".

هذا الامر الذي عده مختصين من مدينة الموصل "دعاية انتخابية" مبكرة للوزير في الانتخابات البرلمانية المزمع عقدها في تشرين الاول المقبل.

خبير الاثار فيصل جبر رد في مؤتمر صحفي على اقوال وزير الصناعة، وقال: ان الحديث عن اعمار الجامع "دعاية انتخابية" ولن يرى النور قبل انتهاء اعمال التنقيب التي تنفذها احدى الجامعات الاوربية التي قد تستمر لسنوات.

 داخل التل الذي بنى عليه جامع النبي يونس سلسلة من الانفاق تبلغ طولها 800 مترا، وهذه الانفاق تجعل من اسس التي بنى عليها الجامع مخلخلة

 "داخل التل الذي بنى عليه جامع النبي يونس سلسلة من الانفاق تبلغ طولها 800 مترا، وهذه الانفاق تجعل من اسس التي بنى عليها الجامع مخلخلة، لذلك لا نستطيع ان نستخدم الاليات الثقيلة في اعادة الاعمار" يضيف حبر.

وشدد خلال المؤتمر "وفقا للمعطيات الفنية ان عملية اعادة الاعمار شبه مستحيلة، لوجود شبكة من النفاق تحت البناء، وايضا ان جامعة هايدلبرج لن تكمل تنقباتها لسنوات قادمة، وان مديرية الاثار اوقفت عمليات البناء لغاية اكتمال عمليات التنقيب".

لحظات تفجير الجامع من قبل تنظيم داعش في 24 تموز 2014 (الفيديو من مواقع التواصل الاجتماعي)

 

يعتبر جامع النبي يونس من المباني التاريخية القديمة في العالم الإسلامي، وبحسب مؤرخين فان جامع النبي يونس قد شيده الخليفة العباسي المعتضد بالله عام 279 هــ على التل المسمى بتل التوبة الذي كان يأوي اليه المسلمون.

يقع جامع النبي يونس على تل التوبة شرقي مدينة الموصل في منطقة كانت تسمى تاريخيا ب "قرية نينوى" ثم عادت لاحقا لتحمل اسم الجامع الذي بني على تلك التلة وهي منطقة تجارية تحتوي على سوق النبي يونس تيمنا بالجامع الذي يعلو التلة المقابلة للسوق.

مكانة الجامع في نفوس اهل الموصل

يعتبر جامع النبي يونس احد اقدس اماكن التعبد لدى اهالي الموصل، وكان الجامع يحظى بمكانة خاصة لدى الاهالي اذ كانوا يقدمون النذور والقرابين في الضريح تقربا الى الله تعالى اذا ما شفي مريض لدى احدهم او كانت لهم حاجة فقضاها الله لهم.

ام عماد ذات الستين عاما تقول لـ(كركوك ناو) انها وعائلتها كانت كثيرا ما تذهب الى الجامع للدعاء والتبرك بضريح النبي يونس وخصوصا في ايام الخميس من كل أسبوع.

الاعراس كانوا يصرون على ان يمر موكب الزفاف بطريق الجامع وانهم كانوا يذكرون في اهازيجهم النبي يونس عليه السلام

"الاعراس كانوا يصرون على ان يمر موكب الزفاف بطريق الجامع وانهم كانوا يذكرون في اهازيجهم النبي يونس عليه السلام ومن بينها كانوا يقولون (احنا دعينا والله انطانا ... والنبي يونس ما خزانا) في اشارة الى انهم كانوا يتوسطون الى الله بالنبي يونس والدعاء عنده حسب قول المرأة الستينية.

الجامع الذي بدأ تشييده في زمن العباسيين مر بمراحل بناء مختلفة على مر العصور كان اخرها اعادة البناء الذي اجرته الحكومة العراقية في الفترة بين عامي 1988 و 1992 ليكون بالشكل الذي كان حاضرا حتى 2014 قبل ان يتم نسفه عن بكرة ابيه على يد تنظيم داعش.

جامع ومرقد النبي يونس ينتظر الموصليون بشوق لاعادة اعمارهمه ورؤيته شاخص من جديد، لكنهم سينتظرون حتى انتهاء البعثة الالمانية من اعمالها التي توقفت بفعل جائحة كورونا والتي ستستأنف من جديد في شهر ايلول من العام الجاري.

 

 

 

 

  • FB
  • Instagram
  • Twitter
  • YT