"القضية خطرة وتحرك البرلمان والحكومة"
العواصف الترابية تُرعب المزارعين في العراق

نينوى/ أيار 2022/ فريق من دائرة زراعة الموصل داخل أحد حقول الحنطة المتضررة بسبب الجفاف والعواصف الترابية     تصوير: إعلام دائرة زراعة الموصل

عمار عزيز و ليلى أحمد

يتخوف المزارعون في العراق من التأثيرات السلبية لاستمرار العواصف الترابية على محاصيلهم الزراعية التي أصبحت الآن في مرحلة النمو والنضوج، بالأخص محاصيل الخضار والفواكه.

اجتاحت يوم الجمعة، 20 أيار، موجة غبار أخرى عدة محافظات عراقية، وذلك بعد أربعة أيام فقط على انتهاء عواصف ترابية كثيفة، الأمر الذي بث الخوف في نفوس المزارعين في العراق الذين يخشون ضياع مجهودهم هذا السنة ويطالبون الحكومة بتقديم الدعم لهم.

ناظم عابد هرمز، مزارع مسيحي في ناحية القوش بسهل نينوى، زرع هذا العام 20 دونماً من الأرض بمحصول الطماطم، ومساحة أقل بمحصول الخيار، يقول ناظم، "هذه المرة الرابعة التي تجتاح فيها العواصف الترابية مناطق سهل نينوى، الغبار أثّر على نمو محاصيلي الزراعية في هذه الفترة التي تنضج فيها محاصيل الطماطم والخيار، حيث تزداد البكتيريا والجراثيم"، وأوضح بأن "الأتربة تغطي أوراق المحاصيل وتوقف نموها".

كحل مؤقت لتفادي الأضرار التي تلحقها العواصف الترابية بمحاصيله الموسمية، يلجأ ناظم عابد لرش محاصيله بالماء لإزالة الغبار والأتربة عن الأوراق.

هذه العواصف حتى لو لم تقضِ على الانتاج الزراعي ستؤثر سلباً على كمية وجودة المحاصيل

"للأسف، الحكومة لا تدعمنا ولا تقدم لنا الارشادات الزراعية، بعض المزارعين لا يستبعدون ضياع نصف محاصيلهم بسبب العواصف الترابية".

وفقاً لإحصائية دائرة الزراعة في المنطقة، تمت زراعة 90 ألف دونم من أراضي القوش الزراعية بمحصول الحنطة، ومساحة أكبر من ذلك بالفواكه والمحاصيل الموسمية الصيفية كالخيار والطماطم بالدرجة الأولى.

الطماطم، الخيار والباذنجان من المحاصيل التي تنضج في شهر حزيران، لكن استمرار العواصف الترابية يؤثر سلباً على نموها.

وتوقعت هيئة الأنواء الجوية العراقية أن تستمر موجة العواصف الحالية ليومين أو ثلاثة أيام، وتكون هذه العواصف كثيفة في بعض المناطق.

من جانبه قال مدير دائرة الزراعة في ناحية بعشيقة، شاكر يحيى، لـ(كركوك ناو)، "قلة الأمطار سبب رئيسي وراء هبوب العواصف الترابية، الغبار يؤثر بصورة مباشرة على المحاصيل الزراعية، من ضمنها الخضار والفواكه، بالأخص الطماطم والخيار التي تتأثر أكثر من غيرها بهذه العوامل وهي الآن في مرحلة النضوج، هذه العواصف حتى لو لم تقضِ على الانتاج الزراعي ستؤثر سلباً على كمية وجودة المحاصيل".

الحكومة لا تتخذ أي خطوات، فهي تستطيع على الأقل توفير أجهزة الرش للمزارعين

" الأتربة التي تترسب على أوراق وجذوع النباتات تعرقل عملية التركيب الضوئي ويعيق حصولها على ثاني أوكسيد الكاربون، ما يؤثر بشكل مباشر على نمو النبات"، بحسب ما يوضحه شاكر يحيى، وهو خريج كلية الزراعة.

وأضاف شاكر، ان"العواصف الترابية تؤدي الى انتشار ونمو عدة أنواع من البكتيريا والميكروبات التي تلحق الضرر بالمحاصيل الزراعية وتقضي عليها".

مدير دائرة الزراعة أيّد ما قاله مزارعو المنطقة وقال، ان "الحكومة لا تتخذ أي خطوات، فهي تستطيع على الأقل توفير أجهزة الرش للمزارعين لاستخدامها لإزالة الغبار على المحاصيل بعد انتهاء العواصف، أو بتوفير مبيدات البكتيريا والجراثيم لهم".

شح الأمطار وما تبعها من عواصف ترابية، أثر بصورة مباشرة على الانتاج الزراعي في بعض المناطق، فعلى سبيل المثال، تراوح حجم الانتاج في قضاء سنجار بمحافظة نينوى العام الماضي، رغم قلة الأمطار، بين 800 كيلوغرام الى 900 كيلوغرام من الحنطة للدونم الواحد، لكن الانتاج يُقدّر هذا العام بـ 600 كيلوغرام لكل دونم، حسب بركات عيسى، مدير شعبة الزراعة في ناحية سنوني التابعة لقضاء سنجار.

هذا العام، تمت زراعة 640 دونم من الأراضي في سنجار بمحصولي الحنطة والشعير.

tre-1

كركوك/ أيلول 2021/ بستان عنب في داقوق، يوشك محصوله على الجفاف    تصوير: محمد ألماس 

وقال بركات عيسى، "شهدت هذه المنطقة هذا العام ثلاث موجات من العواصف الترابية، لم نعد حتى الآن تقديراتنا بالنسبة لهذا العام لكنني واثق من أن الانتاج سيكون اقل مقارنة بالعام الفائت".

هلكوت محمد، مزارع في قضاء طوز خورماتوو بمحافظة صلاح الدين قال بأنهم عانوا من الجفاف خلال العام الماضي، لكنهم يعانون هذا العام من الجفاف والعواصف الترابية كذلك.

"العواصف الترابية في صلاح الدين كانت كثيفة جداً، أدت الى حرق أوراق محاصيل البطيخ والطماطم والخيار وكبدتها أضراراً كبيرة، فمحصول الخيار مثلاً جف تماماً ولم يعد يصلح للتسويق، أما محاصيل الحنطة والشعير أصبحت كتلة من الغبار".

بصورة عامة في صلاح الدين، محاصيل الحبوب التي كانت تعتمد على مياه الأمطار تقلص انتاجها، لكن الحظ حالف المزارعين الذين اعتمدوا طرقاً أخرى لري محاصيلهم.

"تقطعت بنا السبل، الحكومة لا تمتلك خطط ولا تدعم الفلاحين".

نحن بانتظار رحمة من الله، فالحكومة لن تفعل لنا شيئاً

فضلاً عن الخضروات والحبوب، أثرت العواصف الترابية مباشرة على الفواكه أيضاً، حسبما أكد محمد عزت، مزارع من خانقين بمحافظة ديالى.

يمتلك محمد عزت 101 دونم زراعي معظمها بساتين، على رأسها بساتين النخيل، ويقول "العام الماضي عانيت كثيراً من الجفاف، أما العام فزادت عليه العواصف الترابية".

"أصيبت اشجار النخيل بآفة الدوباس، وهي عبارة عن خروج عصارة تشبه العسل من الجريد، وهي مؤشر على إصابة النخلة بآفة، ومتى ما أصابت هذه الآفة النخيل فإنها تجف ولا تحمل"، يقول محمد عزت.

وأضاف، "نحن بانتظار رحمة من الله، فالحكومة لن تفعل لنا شيئاً".

بصورة عامة لا تتوفر أية إحصائيات رسمية حول حجم الأضرار التي ألحقتها العواصف الترابية بالزراعة والبستنة في العراق أو على نطاق المحافظات، لكن مؤشرات تلك الأضرار ظهرت منذ الآن على بعض المحاصيل الزراعية.

تأتي هذه القضية في الوقت الذي يشهد فيه العراق فوضى سياسية ولا توجد خطط للتقليل من أضرار العواصف الترابية

في غضون ذلك يقول نائب محافظ نينوى، علي عمر، لـ(كركوك ناو)، انه "لم يتم إجراء أي مسح حتى الآن لمعرفة حجم الأضرار، لكننا نعلم بأن العواصف الترابية تضر بالمزارعين، ولا توجد نية حتى الآن لتعويض المزارعين المتضررين"، ولفت نائب المحافظ الى أن الحكومة لم تتخذ أي خطوة بهذا الاتجاه".

اما عضو لجنة الزراعة في البرلمان العراقي، غريب محمد، قال لـ(ككروك ناو)، "يعتبر هذا من المواضيع المهمة التي اخترتم متابعتها، القضية خطيرة وتحرك الحكومة والبرلمان".

وتابع، "نناقش هذا الموضوع مع عدد من النواب الآخرين، نسعى لإدراج قضية أضرار العواصف الترابية ضمن جدول أعمال البرلمان بسرعة، لكي نجبر الحكومة على اتخاذ الخطوات اللازمة وتنبيهها بشأن هذه القضية الخطيرة".

ويبين محمد، انه "تأتي هذه القضية في الوقت الذي يشهد فيه العراق فوضى سياسية ولا توجد خطط للتقليل من أضرار العواصف الترابية ومجابهة تأثيرات التغيير المناخي".  

  • FB
  • Instagram
  • Twitter
  • YT