العراق ينضم للدول التي تعطي لقاح كورونا للأطفال.. سيكون متوفراً في 2023

وزارة الصحة العراقية قررت منذ شهر أيلول الماضي إعطاء اللقاح المضاد لكورونا للأطفال في سن (5-12) سنة   تصوير: كركوك ناو

فرمان صادق

أكمل العراق واقليم كوردستان كافة الاستعدادات لإعطاء لقاح كورونا للأطفال في سن (5-12) سنة، تركيبة اللقاح تختلف عن اللقاح الذي يعطى حالياً للمواطنين. مسؤولو الصحة في أربيل وبغداد متفقون على أن أخذ اللقاح لن يكون إلزامياً ويستوجب موافقة الوالدين.

في شهر أيلول الماضي، قررت الحكومة العراقية شراء لقاحات مضادة لكورونا لتطعيم الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين خمس سنوات و 12 سنة، ودعت الى استكمال كافة الإجراءات وتعاقدت مع شركة فايزر بيونتيك الأمريكية-الألمانية لتزويدها باللقاح.

ويأتي ذلك في الوقت الذي تشير فيه الإحصائيات التي تنشرها وزارة الصحة العراقية وصحة اقليم كوردستان الى ارتفاع عدد حالات الإصابة بفيروس كورونا مقارنة بالأشهر الثلاثة الماضية.

فيروس كورونا ظهر للمرة الأولى أواخر عام 2019 في الصين قبل أن ينتشر في جميع دول العالم، وتشير إحصائيات وزارة الصحة العالمية الى إصابة أكثر من 643 مليون و251 ألف شخص بفيروس كورونا حتى الآن، تعافى منهم 622 مليون و474 ألف شخص فيما تسبب الفيروس بوفاة ستة ملايين و626 ألف و664 شخص.

على نطاق العراق واقليم كوردستان، أصيب مليونان و462 ألف و272 شخص بكورونا حتى تشرين الثاني 2022، وتوفي 25 ألف و361 شخص بالفيروس فيما تعافى البقية.

عدد الدول التي أبدت موافقتها على تطعيم الأطفال دون سن الـ18 ليس معلوماً بالتحديد، لأن نوع التطعيم يختلف حسب العمر، لكن الولايات المتحدة الأمريكية كانت أول دولة تصادق على القرار، تبعتها بريطانيا ودول الاتحاد الأوروبي وبدأت عدة دول في الاتحاد الأوروبي بتنفيذ القرار، في حين وافقت الصين، الهند، تشيلي وبعض الدول العربية على القرار، قبل أن ينضم العراق اليها.

 

متى سيصل اللقاح وما هي الإجراءات؟

يقول الدكتور كمال عبدالرزاق، نائب رئيس لجنة التطعيم بوزارة الصحة العراقية أن الأطفال لم يكونوا يصابون بفيروس كورونا في بداية ظهوره، لكنهم كانوا يحملون الفيروس وينقلونه للآخرين، في نهاية 2021 ومطلع هذا العام اتضح أن الأطفال يصابون بفيروس اوميكرون المتحور، لكن لا توجد إحصائية دقيقة بعدد الإصابات، الأمر الذي جعل وزارة الصحة تفكر في جلب اللقاح لتطعيم الأطفال.

إجراءات إيصال اللقح، حسب المسؤول في وزارة الصحة العراقية، ينبغي أن تجيب على 12 وثيقة علمية.

vaccinnn

أربيل/ 28 آذار 2022/ مواطن يتلقى جرعة من اللقاح في أحد المراكز الصحية   تصوير: كركوك ناو

 

"الوثائق وصلت الى وزارة الصحة العراقية منتصف هذا العام، هيئة نقل الأدوية في العراق، وهي أعلى هيئة مختصة باستيراد الأدوية واللقاحات، أبدت موافقتها على شراء اللقاح، تلتها كل من اللجنة الاستشارية للتطوير ولجنة الأمراض التنفسية واللجان الأخرى داخل وزارة الصحة، تمهيداً لتطعيم الأطفال في سن (5-12) سنة بلقاح فايزر"، بحسب الدكتور كمال عبدالرزاق الذي أوضح أن هناك نوعين من لقاح الأطفال متوفرة حالياً في العالم وهما لقاح فايزر وموديرنا.

بعد صدور القرار، بدأ العمل مباشرةً لتوقيع عقود شراء اللقاح من كوفاكس التي تشرف عليها منظمة الصحة العالمية وبعضوية اليونيسيف، سي بي آي، هيئة الدواء الأوروبية و إدارة الغذاء والدواء الأمريكية، وذلك لضمان سلامة استخدام اللقاح الذي تشتريه اية دولة. حسب آخر المعلومات، سيصل اللقاح الى العراق نهاية شهر كانون الأول الحالي أو كانون الثاني 2023".

 

استعدادات العراق والاقليم

حول الاستعدادات لنقل اللقاح، يقول المسؤول في وزارة الصحة العراقية أن كافة الاستعدادات تمت ولا توجد مشاكل تعترض نقل اللقاح لأن العراق بات يمتلك خبرة في نقل اللقاحات.

"توجد مبردات معدة لنقل جرعات اللقاح، لذا فإن المرحلة الأسهل هي نقل اللقاح بمبردات درجة تبرديها 60 درجة مئوية تحت الصفر، لكن بعد وصول اللقاح الى العراق وأثناء توزيعه على المدن وصولاً الى المراكز الصحية يمك وضعه في أجهزة تبريد اعتيادية كغيره من أنواع اللقاح"، بحسب كمال عبدالرزاق.

وأضاف، أن "المشكلة الوحيدة التي قد تواجهنا هو وجود حمل كبير على الشركة المصنعة للقاح الذي تتهافت عدة دول للحصول عليه".

الدكتورة دينا رشاد، مديرة التطعيم والوقاية الصحية في أربيل أشارت الى اكتمال كافة الاستعدادات بانتظار وصول اللقاح الى العراق.

في محافظة السليمانية وإدارة كرميان وإدارة رابرين توجد 136 وحدة تطعيم داخل المراكز الصحية

وبينت أن "في محافظة أربيل يوجد 134 مركز صحي يضم وحدات خاصة بالتطعيم وسيتم إبلاغها بكتب رسمية وسنوزع اللقاح حسب الكمية التي ستحصل عليها محافظة أربيل".

وأوضحت دينا رشاد بأنه إذا لم تكن الكمية كافية سيتم توزيع اللقاح استناداً الى الموقع الجغرافي للمراكز الصحية، أما المراكز التي لن تحصل على حصة من اللقاح سيتم إخطارها بأسماء المراكز القريبة منها لإحالة الراغبين بأخذ اللقاح اليها.

الطبيب الصيدلاني كاردو عبدالله، مسؤول مخازن التطعيم في المديرية العامة لصحة السليمانية قال بشأن الاستعدادات لإعطاء جرعات لقاح كورونا لأطفال في سن (5-12) سنة، "أجرينا كافة الاستعدادات، يتبقى فقط إعطاء بعض المعلومات الأولية لكوادر المراكز الصحية التي تضم وحدات خاصة بتطعيم الأطفال، فيما يخص الإجراءات الاجب اتخاذها في حال تدهور صحة الطفل بعد تلقيه اللقاح".

وتابع كاردو، "في محافظة السليمانية وإدارة كرميان وإدارة رابرين توجد 136 وحدة تطعيم داخل المراكز الصحية، لكن توزيع اللقاح يعتمد على الكمية التي ستحصل عليها محافظة السليمانية، حلبجة، كرميان ورابرين، إذا توفرت الكمية المطلوبة ستوزع على كافة وحدات التطعيم، بخلاف ذلك ستوزع حسب الموقع الجغرافي للمراكز الصحية".

 

تركيبة اللقاح تختلف عن المستخدم للكبار

يقول الدكتور كمال عبدالرزاق أن تركيبة اللقاح المستخدم لتطعيم الأطفال يختلف عن اللقاح المستخدم للكبار، لذا فإن اللقاح الخاص بالكبار لم يكن يُعطى سابقاً للأطفال.

وأضاف، "تركيبته مختلفة ويتألف من نوعين، النوع الأول يستخدم لتطعيم ستة أطفال والآخر لتطعيم 10 أطفال، العراق اشترى النوع الأول، وحال وصول اللقاح ستخضع الكوادر الصحية لدورة تدريبية حول كيفية استخدام اللقاح".

حول الاختلاف بين اللقاحين أوضحت الدكتورة دينا رشاد أن تركيبة لقاح الأطفال تشبه الأخرى من الناحية العلمية، لكن كمية الماء التي تخلط مع اللقاح تختلف، كما أن الكباريتلقون 0.3 سي سي من اللقاح أما الصغار 0.2 سي سي، ويعود هذا الاختلاف الى تفاوت القابلية الجسدية بين الأطفال والكبار.

موجة الإصابات الحالية هي بسبب فيروس أوميكرون

حسب متابعاتنا على نطاق العراق واقليم كوردستان، عدد كبير من الأطفال أصيبوا بأعراض شديدة تشبه بعضها تلك المتعلقة بأعراض الاصابة بفيروس أوميكرون المتحور.

ويقول الدكتور كاردو عبدالله، "العدوى التي تصيب الأطفال شديدة، لكنني لم ألحظ وجود حالات اصابة في صفوف الأطفال ، مع ذلك يجب أن تتولى لجنة علمية متابعة الوضع".

لكن الدكتور كمال عبدالرزاق لم يخف أن أعراض الوباء الموجود حالياً في العراق تشير الى الإصابة بفيروس كورونا المتحور، المعروف بأوميكرون والي ينتشر بسرعة كبيرة، لكنه يلازم المصاب لمدة قصيرة وأعراضه ليست خطيرة بحيث تؤدي الى الوفاة.

vacinnaka

كركوك/ 27 تموز 2021/ مركز للتطعيم ضد كورونا   تصوير: كإعلام دائرة صحة كركوك 

من أعراض الإصابة بفيروس أوميكرون المتحور آلام المعدة، الإسهال، التقيؤ، آلام الظهر والحمى"، حسبما قال الدكتور كمال عبدالرزاق، لافتاً الى أن أعراض الإصابة بالفيروس عند الأطفال تستمر ثلاثة الى خمسة أيام، وفي بعض الحالات 15 يوماً ما يعرض المصاب للجفاف.

 

هل تطعيم الأطفال إلزامي؟

المسؤول في وزارة الصحة العراقية أوضح أن التطعيم ليس إجبارياَ وهو ما دفع العراق لشراء 300 ألف جرعة من اللقاح في المرحلة الأولى، ويقول كمال عبدالرزاق "اللقاح تنتهي صلاحيته خلال ستة اشهر، لذا نريد أن نقيم نسبة الاقبال، لأن الأطفال ليسوا كالكبار فصلاحية اتخاذ القرار ليست بيد الطفل ويجب أخذ موافقة الوالدين قبل إعطائه اللقاح.

ودعا كمال عبدالرزاق الآباء والأمهات لتطعيم أطفالهم، معتبراَ ذلك إجراءً علمياً لوقاية الأطفال من الوباء، وقال "إذا كان الإقبال كبيراً فإن شراء اللقاح للمراحل المقبلة سيكون سهلاً".

يبلغ التعداد السكاني للعراق حسب تقديرات مؤسسة الإحصاء المركزي التابعة لوزارة التخطيط العراقية لسنة 2021 41 مليون و190 ألف و658 نسمة، أعمار خمسة ملايين و621 ألف و 236 منهم تتراوح بين خمس و تسع سنوات، في حين تتراوح أعمار خمسة ملايين وثلاثة آلاف و508 شخص بين 10 و 14 سنة.

تقول الدكتورة دينا رشاد أن التطعيم ليس إلزامياً لذا يتوجب حضور والد أو والدة الطفل أثناء إعطاء اللقاح للطفل، لكن "من المهم أن تلعب وسائل الإعلام والسوشيال ميديا دورها في نشر الوعي حول اللقاح وحث الآباء والأمهات على تطعيم أطفالهم".

 

هل الآباء والأمهات يقبلون فكرة تلقي اطفالهم اللقاح؟

يقول الدكتور زيرك حمد أمين، طبيب جراح في مستشفى الطوارئ بمدينة أربيل نه اصطحب في وقت سابق ابنته لتقي اللقاح، لكنهم أخبروه أن اللقاح الخاص بالأطفال غير متوفر حالياً.

ولفت الدكتور زيرك الذي تحدث معنا هاتفياً، "شخصياً أخذت ثلاث جرعات من اللقاح، وزوجتي حصلت على جرعتين، متى ما توفر القاح للأطفال سآخذ ابنتي الوحيدة البالغة من العمر 8 سنوات لتلقي لمركز التطعيم، أثق كلياً بأهمية اللقاح لحماية طفلتي من الإصابة بالوباء".

خلال الفترة السابقة انتشرت أنباء حول توفر اللقاح الخاص بالأطفال في السليمانية.

فيروس كورونا أصبح ضعيفاً مقارنة بالسابق، حتى وسائل الإعلام لم تعد تتحدث عنه

حول ذلك يقول الدكتور كاردو عبدالله أن عدداً كبيراً من الآباء والأمهات راجعوا مراكز التطعيم بعد انتشار تلك الأنباء ، "وصل الأمر الى حدوث مشادات بين المراجعين والكوادر الطبية التي أكدت لهم أن اللقاح ليس متوفراً بعد".

وتقول الدكتورة دينا رشاد أن هناك إقبالاً كبيراً عل لقاح الأطفال في أربيل، "العديد من الآباء والأمهات اتصلوا بي للاستفسار عن توفر اللقاح الخاص بالأطفال".

على الجانب الآخر هناك البعض ممن يؤكدون عدم استعادهم لإعطاء اللقاح لأطفالهم لأسباب متنوعة.

هيمن أرسلان، أب لثلاثة أطفال، أحدهم عمره 11 سنة، يقول أن فيروس كورونا أصبح ضعيفاً مقارنة بالسابق، حتى وسائل الإعلام لم تعد تتحدث عنه، لذا لا أرى من الضروري أن يأخذ ابني اللقاح.

وأضاف، "لا اعرف ما ستؤول اليه الأمور، ربما سأغير رايي في المستقبل".

هل ستشمل الخطة المدارس؟

حول خطط وزارة الصحة لتطعيم الأطفال باللقاح، أوضح الدكتور كمال عبدالرزاق أن التطعيم سيكون في البداية بوحدات التطعيم داخل المراكز الصحية، والكمية التي ستصل الى العراق ستوزع حسب الكثافة السكانية للمحافظات، وتابع قائلاً، "إذا كان الإقبال كبيراً سنفكر في المراحل المقبلة في إرسال فرقنا الى المدارس لتطعيم الأطفال، أو منح الصلاحية للمراكز الصحية في المدن لاتخاذ ذلك الإجراء".

على مستوى اقليم كوردستان، سجلت عدة حالات إصابة بفيروس كورونا مع بدء العام الدراسي الجديد، وزارت الفرق الصحية المدراس وأخذت عينات من الطلاب والتدريسيين.

ينبغي أن تُدعم مثل هذه الحملات من قبل منظمة الصحة العالمية واليونيسيف وتأمين مصاريف الفرق الصحية

وتقول الدكتورة دينا رشاد، "إذا زادت كمية اللقاح بحيث تسمح لنا بإعطاء اللقاح لأطفال في المدارس سنتواصل مع وزارة التربية لهذا الغرض، في اقليم كوردستان لطالما كان التنسيق موجوداً بين وزارتي الصحة والتربية".

وتابعت دينا، " يمكن إعطاء الأطفال في المدراس ورقة خاصة بالحصول على موافقة الوالدين لأخذ موافقتهم ومن ثم نرسل فرقنا الى المدارس لتطعيم الأطفال".

من جانبه، قال الدكتور كاردو عبدالله بأن موضوع تطعيم الأطفال في المدارس لم يُناقش حتى الآن، وفي حال اتخاذ قرار كهذا ينبغي أن تُدعم مثل هذه الحملات من قبل منظمة الصحة العالمية واليونيسيف وتأمين مصاريف الفرق الصحية.

استعدادات الحكومة الاتحادية وحكومة الاقليم لتطعيم الأطفال منذ سن الخامسة تأتي في الوقت الذي لم تصل فيه نسبة تلقي اللقاح في العراق الى ما كانت تصبو اليه الحكومة العراقية، حيث تشير أحدث إحصائيات وزارة الصحة التي نشرتها في 20 تشرين الثاني الى أن 11 مليون و301 ألف و294 شخص تلقوا اللقاح أي ما يعادل نسبة 27 بالمائة، لكن الإحصائية لم توضح فيما إن كان الملقحون حصلوا على الجرعة الأولى فقط أم على جرعتين.

ووفقاً لإحصائيات منظمة الصحة العالمية، تلقى سبعة ملايين و914 ألف و 345 شخص الجرعات الكاملة للقاح لغاية 11 تشرين الثاني، أ يما يعادل أكثر من 19 بالمائة من مجموع سكان العراق.

  

 هذه المتابعة أعدت من قبل الصحفي فرمان صادق في إطار مشروع متجذرة في الثقة "Rooted in Trust" الذي تنفذه منظمة إنتر نيوز بالتعاون مع (كركوك ناو).

  • FB
  • Instagram
  • Twitter
  • YT