النازحون يفرضون خمسة شروط للعودة
خلال ستة أشهر.. الحكومة تسعى لغلق جميع المخيمات

دهوك/ كانون الثاني 2023/ طفلان يلعبان الكرة في مخيم للنازحين بقضاء شيخان   تصوير: دلفين رشيد

دلفين رشيد – نينوى

نازحو سنجار يؤكدون أن عودتهم مرهونة بتوفر عدة شروط، من بينها الاستقرار الأمني والحصول على تعويضات، وذلك رداً على مساعي الحكومة الاتحادية العراقية لإغلاق كافة المخيمات بالرغم من أن المسؤولين الاداريين والحكوميين يرون الأمر صعباً.

وفقاً لإحدى فقرات برنامج عمل الحكومة الاتحادية برئاسة محمد شياع السوداني، التي نالت ثقة البرلمان نهاية شهر تشرين الأول 2022، يجب إعادة كافة النازحين الى مناطقهم الأصلية في غضون ستة أشهر، ويشمل ذلك أكثر من مليون مواطن لا زالوا نازحين –بحسب إحصائية للمنظمة الدولية للهجرة IOM.

في مؤتمر صحفي عقدته في 29 كانون الأول 2022، شددت وزيرة الهجرة والمهجرين العراقية، ايفان جبرو، على أن "ملف النازحين في العراق سيحسم في ستة أشهر حسب برنامج عمل الحكومة"، وأن الوزارة تنسق مع حكومة اقليم كوردستان لتهيئة الظروف لعودة النازحين، حسبما نشر في الموقع الرسمي للوزارة.

يتواجد أكثر من 600 ألف نازح في اقليم كوردستان، يتوزع قسم منهم على 26 مخيماً، ويشكل الايزيديون نسبة 30 بالمائة من مجموع النازحين معظمهم من أهالي سنجار.

لخطوات اللازمة ستتخذ في هذه المدة، بالرغم من أن 99 بالمائة من نازحي سنجار يودّون العودة

"نحن مستعدون للعودة الى سنجار، لكن الأوضاع متردية، انعدام الخدمات وتواجد قوى مسلحة في مركز القضاء عوامل تعيق عودتنا"، بحسب بفري علي بشار (24 سنة)، نازحة تعيش في مخيم خانكي بدهوك لـ(كركوك ناو).

في أيار 2022، نزحت آلاف العوائل من سنجار الى المخيمات مجدداً بسبب وقوع مواجهات مسلحة في القضاء. تتواجد في سنجار أكثر من ثمان قوى مسلحة، بعضها في إطار قيادة عمليات غرب نينوى، على رأسها الجيش.

بفري، التي نزحت من مجمع دوكري بسنجار، تطالب بالتعويضات وتوفير الخدمات لكي يتمكنوا من العودة، الى جانب الاستقرار الأمني، "نريد أن نتخلص من حياة المخيمات، لكن إذا لم يستتب الأمن، فحياة النزوح أفضل لنا".

حسب متابعات (كركوك ناو)، معظم النازحين لديهم نفس الشروط للعودة، أهمها تعويضهم عن الأضرار التي لحقت بهم خلال حرب داعش، توفير الخدمات، وضع حد لتواجد قوى متعددة في سنجار وتوفير الاستقرار، الكشف عن مصير المختطفين وحسم ملف إدارة المنطقة.

"إذا كانت الحكومة العراقية تعمل من أجل سنجار فسيعود النازحون في أقل من ستة اشهر، لكن لا أعتقد أن الخطوات اللازمة ستتخذ في هذه المدة، بالرغم من أن 99 بالمائة من نازحي سنجار يودّون العودة"، يقول داود زنديني (36 سنة) من أهالي ناحية القحطانية والنازح في مخيم كبرتوو بدهوك.

توجد في محافظة دهوك أكثر من 65 ألف عائلة نازحة، تقيم 27 ألفاً منها في 16 مخيماً للنازحين.

hez-snjar

نينوى/ 2020/ قوة مسلحة تابعة للحكومة الاتحادية العراقية في قضاء سنجار   تصوير: كركوك ناو 

"قبل أية خطوة، نطالب بإعادة مختطفينا، نريد تشكيل قوة خاصة من أهالي سنجار لحماية القضاء وكذلك تعويض المواطنين لكي يعود الجميع"، بحسب زنديني، الذي لفت الى أن منزله مهدم بالكامل.

قضاء سنجار (120 كم غرب الموصل)، منطقة متنازع عليها ضمن محافظة نينوى وتقطنها غالبية ايزيدية، وقع القضاء في يد مسلحي تنظيم داعش في 3 آب 2014 وتعرض الآلاف من المكون الايزيدي للقتل والاختطاف والنزوح، قبل أن تتم استعادته في تشرين الثاني 2015.

نايف سيدو، قائممقام قضاء سنجار بالوكالة قال لـ(كركوك ناو)، "من الصعب جداً عودة النازحين الى ديارهم في غضون ستة اشهر، في ظل الأوضاع المعقدة في سنجار، حيث أن 90 بالمائة من النازحين لا يستطيعون العودة لأن منازلهم لم تتم إعادة تأهيلها، الوضع الأمني غير مستقر، الصراعات السياسية موجودة والطائرات تحوم في سماء القضاء مثيرة الرعب في نفوس الأهالي".

في سنجار توجد إدارتان، إحداها تسير مهامها من دهوك والأخرى داخل القضاء، فضلاً عن مجلس الإدارة الذاتية التي تعد مقربة من حزب العمال الكوردستاني.

نطالب بتنفيذ اتفاق سنجار وتعويض المتضررين

يقول نايف أنه لم تًجر حتى الآن أي استعدادات لإعادة النازحين ويجب على الحكومة العراقية أن تعوض المواطنين لكي يتمكنوا من استئناف حياتهم الطبيعية.

تنفيذ بنود اتفاق سنجار تم تثبيته ضمن برنامج عمل الحكومة العراقية بهدف إعادة الاستقرار الى المنطقة، الاتفاق أبرم عام 2020 بين الحكومة الاتحادية وحكومة الاقليم لتنظيم الملفات الإدارية، الأمنية والخدمية في القضاء لكن بنوده لم تنفذ حتى الآن.

"جميع مواطني سنجار مستعدون للعودة، لكنهم لا يستطيعون بسبب تواجد قوى مسلحة متعددة والدمار الذي خلفته الحرب في المنطقة"، لم يخف طلال هسكاني (34 سنة) من أهالي سنجار والذي تهدم منزله بالكامل ولا زال يعيش في مخيم شاريا، استياءه من عدم حسم ملف إدارة القضاء في ظل عدم وجود إدارة موحدة وعدم استتباب الأوضاع الأمنية، "نطالب بتنفيذ اتفاق سنجار وتعويض المتضررين"، حسبما قال طلال لـ(كركوك ناو).

منذ بدء تولي مهامها، ألغت الحكومة العراقية إجراءات التدقيق الأمني بهدف تشجيع النازحين على العودة وقررت تمليك الأراضي والدور السكنية في عشرات النواحي والمجمعات السكنية بقضاء سنجار وعدد العوائل التي ستستفيد من القرار يقرب من 50 ألف عائلة.

photo1672747888

دهوك/ كانون الثاني 2023/ مخيم للنازحين بقضاء شيخان   تصوير: دلفين رشيد

اسكندر محمد أمين، مدير دائرة الهجرة والمهجرين العراقية في دهوك قال لـ(كركوك ناو)، "صحيح أن هناك خطة لإعادة النازحين خلال ستة أشهر، لكن المهم هو متى سيدخل حيز التنفيذ، لأنه ليس لدينا حتى الآن آلية لإعادة النازحين".

ويأتي هذا في حين أشار خبر نشرته وزارة الهجرة في كانون الأول 2022 الى أن الحكومة العراقية تسعى في إطار برنامج بالتنسيق مع حكومة اقليم كوردستان الى حسم ملف المخيمات وإغلاقها، دون الخوض في التفاصيل.

المسؤول الوزاري بدهوك أوضح قائلاً، "لا نستطيع إجبار أحد على العودة، كل نازح لديه الحرية في العودة من عدمها، النازحون غير مستعدين للعودة دون الحصول على تعويضات، من الممكن أن يشجع تنفيذ الاتفاق المبرم بين الحكومة الاتحادية وحكومة الاقليم النازحين على العودة".

باستثناء محافظة نينوى، أغلقت جميع المخيمات الواقعة في المحافظات العراقية الأخرى وعاد سكانها الى مناطقهم.

snjar-2022-4

نينوى / أيار 2020/ تجمع احتجاجي  لعدد من الشبان الايزيديين وسط سنجار للمطالبة بتوفير الأمن وحل مشاكل القضاء    تصوير: خاص بـ(كركوك ناو) 

ديان بير جعفر، مسؤول دائرة الهجرة والمهجرين في دهوك –التابعة لحكومة اقليم كوردستان-، قال لـ(كركوك ناو)، "من الصعب جداً عودة النازحين خلال تلك المدة المحددة، لأن الأمن غير مستتب في سنجار وحكومة الاقليم لا تجبر أحداً على العودة، واجبنا أن نخدمهم"، مع ذلك يقول أن هناك تنسيقاً جيداً بين الحكومة العراقية الجديدة وحكومة الاقليم بشأن ملف النازحين.

ويأمل ديان جعفر أن تتوصل حكومة الاقليم الى اتفاق مع الحكومة الاتحادية لتنفيذ اتفاق سنجار والعمل على تأمين احتياجات النازحين، نظراً لأن المنظمات أوقفت المساعدات التي كانت تقدمها لهم.

وفقاً لمتابعات سابقة لـ(كركوك ناو)، يعيش النازحون أوضاعاً "متردية" داخل المخيمات في، كون مئات العوائل تعاني من انعدام المساعدات، شح المياه ورداءة المفردات الغذائية التي توزعها عليهم الحكومة العراقية، فضلاً عن نقص وقود التدفئة في الشتاء وكثرة الحرائق التي تقع في المخيمات في فصل الصيف. 

 

  • FB
  • Instagram
  • Twitter
  • YT