ماذا رأيت في رحيماوا؟
أنقل لكم مشاهد ما وراء الصور

كركوك/2 أيلول 2023/ تظاهرة لسكان حي رحيماوا للمطالبة بإعادة فتح طريق كركوك-أربيل. تصوير: كركوك ناو

مراسل (كركوك ناو)

قبل ظهر اليوم (2 أيلول)، كنت أعلم بأن مظاهرة ستنظم في حي رحيماوا بكركوك، كنت أعرف البعض من منظمي التظاهرة، اثنان منهم كانوا بالفعل من المتضررين من قطع طريق كركوك-أربيل.

التوقعات كانت تشير الى أن التظاهرة ستدوم لساعة أو ساعتين على الأكثر، لكن مع انطلاقها في الساعة 5 مساءً خرجت الأمور عن السيطرة، اختلطت الهتافات القومية والحزبية بالتظاهرات، بعضهم كان يستغل هذه الهتافات لإثارة حماس المشاركين، لكنني لم أر أياً من منظمي التظاهرة يطلق هتافات حزبية.

منظمو التظاهرة أشاروا في بيان مقتضب الى أن الهدف من التظاهرة هو فقط المطالبة بإعادة فتح طريق كركوك-أربيل الذي أغلق منذ 27 آب من قبل بعض المتظاهرين المدعومين من قبل الجبهة العربية الموحدة برئاسة وصفي العاصي والذين نصبوا خيم اعتصام على الطريق.

الهدف من الاعتصام رفض قرار لرئيس الوزراء العراقي يقضي بتسليم مقر قيادة العمليات المشتركة في كركوك للحزب الديمقراطي الكوردستاني. يقع المقر على طريق كركوك-أربيل الرئيسي بالتحديد في حي شوراو الذي يقطنه الكورد. المقر سَلم عقب أحداث 16 أكتوبر 2017 لقيادة العمليات المشتركة في كركوك.

لم يمض إلا وقت قصير قبل أن يغلق شارع حي رحيماوا ذو الاتجاهين، والذي يبعد أقل من كيلومترين من مكان اعتصام المتظاهرين العرب. حرقت الإطارات، وبعد قليل توجه المتظاهرون نحو موقع الاعتصام أمام مقر قيادة العمليات المشتركة.

المتظاهرون كانوا من كل الأعمار، لكن أعمار أغلبهم تراوحت بين 30 و 40 سنة، وبينهم ايضاً شبان دون الـ18 يطلقون هتافات حماسية.

بعضهم كانوا يقودون دراجات نارية، ربما أرادوا فقط أن يعرفوا ما الذي يحدث.

يمكنني القول بأن عدد المتظاهرين تجاوز ثلاثة آلاف شخص، لكن بينهم كثيرين ممن كانوا يريدون فقط مشاهدة الأحداث من بعيد.

جانب من التظاهرة. فيديو: كركوك ناو

90 بالمائة من المتواجدين هناك كانوا من سكنة حي رحيماوا، لم تكن وجوهم غريبة وكنت أري معظمهم يومياً. بصورة عامة كانوا كسبة وطلاب، وبينهم أيضاً منتسبين في البيشمركة، معظمهم لم يكونوا ممن لديهم انتماءات قوية للأحزاب، بل كانوا متضررين أو مستائين من إغلاق طريق كركوك-أربيل، لكن البعض منهم وقعوا تحت تأثير الهتافات الحزبية والقومية.

فجأةً، تغير مسار التظاهرة واتجهت نحو مقر قيادة العمليات المشتركة، بدأت القوات الأمنية بإطلاق النار، في البداية بدا وكأن إطلاق النار كان لتفريق المتظاهرين، لكنني شاهدت بنفسي خمسة مصابين، بعضهم نقلوا الى حي رحيماوا بدراجات نارية، ما هي إلا لحظات حتى انتشر نبأ مقتل شخص بسبب إصابته بطلقات نارية وتبين فيما بعد صحة الخبر.

 توجه المتظاهرون الى موقع الاعتصام، تم حرق مركبتين بالقرب من خيم الاعتصام ووصل الأمر الى حدوث اشتباكات ورشق بالحجارة. غادر بعض المعتصمين أماكنهم، حينها حصل اطلاق نار كثيف وبدأ المتظاهرون بالانسحاب تدريجياً. بحسب مصادري، وقع 10 جرحى، معظمهم أصيبوا بطلقات نارية وتم نقلهم الى المستشفيات، فضلاً عن مصرع منتسب في البيشمركة، كما أصيب ثلاثة من المعتصمين بسبب رشقهم بالحجارة.

يأتي هذا التوتر بعد ستة أيام على قطع طريق أربيل-كركوك، دون أن تتمكن إدارة كركوك والحكومة العراقية من إيجاد حل للمشكلة.

قطع الطريق تسبب بتعطل حركة المرور، الأمر الذي صعب على الطلبة الوصول الى القاعات الامتحانية ومنع الكسبة والمزارعين من مزاولة أعمالهم، في حين أربك الدوام اليومي للموظفين.

ليس جلياً ماذا سيحدث في الأيام المقبلة، لكن تم فرض منع للتجوال في المدينة كحل مؤقت، فيما طالب رئيس الوزراء العراقي ورئيس حكومة اقليم كوردستان بحل عاجل للأوضاع في كركوك.

محمد شياع السوداني، القائد العام للقوات المسلحة العراقية وجّه في بيان القوات الأمنية في المحافظة بأخذ دورها في "بسط الأمن وفرض سلطة القانون باتجاه مثيري الشغب في المحافظة".

كما دعا الجهات السياسية وناشطي المجتمع المدني والشعبي إلى "أخذ دورهم في درء الفتنة والحفاظ على الأمن والاستقرار والنظام في محافظة كركوك".

من جانبه، طالب رئيس حكومة الاقليم، مسرور بارزاني، رئيس الوزراء العراقي بالتدخل الفوري "للسيطرة على الوضع وحماية حياة المواطنين والمتظاهرين وعدم السماح للأشخاص غير المسؤولين بتصعيد الوضع وتأزيمه وتعقيده أكثر مما هو عليه الآن".

وتتزامن هذه الأحداث مع الاستعدادات التي تجريها الأحزاب والجهات السياسية في كركوك للمشاركة في انتخابات مجالي المحافظات المقرر إقامتها نهاية هذا العام.

 

 

  • FB
  • Instagram
  • Twitter
  • YT