هل فعلاً وسائل منع الحمل تؤدي إلى السمنة وما دور "اللولب" هنا؟.. كركوك ناو تُحقق

مصدر الصورة: موقع "اليوم الثامن" اليمني تشرين الأول 2018

إيناس حسن

تتحدث النساء في عموم المحافظات العراقية عن وسائل منع الحمل وتسببها المباشر في "السمنة" وتزايد الوزن بشكل كبير، مما يؤثر على الصحة والمظهر العام، وهذا ما يفنده المختصون في الطب البشري ومراكز الأبحاث المحلية والدولية.

وتؤكد الطبيبة، نضال عباس البغدادي، أن هناك هناك أنواعاً عديدة من وسائل تنظيم الأسرة مثل الجدولة، الحقن، حبوب منع الحمل، واللولب.

فيما يقول أطباء آخرون، إن التفكير في اختيار أي وسيلة لمنع الحمل، من الضروري استشارة الطبيب المختص لمناقشة الخيارات المتاحة، وفهم الآثار الجانبية المحتملة، واختيار الأنسب للحالة الصحية والاحتياجات الفردية.

فيما توضح البغدادي، أن "أي تغيير في الوزن لا يكون بالضرورة مرتبطاً بوسيلة منع الحمل نفسها، بل غالباً ما تعود الأسباب إلى مشاكل صحية سابقة، مثل اضطرابات الغدة الدرقية أو السكري، أو نتيجة لعدم اتباع نظام غذائي صحي".

ماذا يقول خبراء كليفلاند كلينك؟

الدكتورة آشلي برانت، أخصائية أمراض النساء والتوليد، تؤكد أن "معظم وسائل منع الحمل لم يثبت أنها تسبب زيادة في الوزن، وذلك بناءً على مراجعات علمية مكثفة".

"كليفلاند كلينك"، هي مؤسسة طبية مقرها الولايات المتحدة، وتُعرف عالمياً بإنتاجها العلمي ومراكزها المتخصصة في الرعاية الصحية المبنية على الأدلة.

وتوضح آشلي برانت، أن "الوسيلة الوحيدة التي تظهر بعض الأبحاث احتمال ارتباطها بزيادة الوزن هي حقنة ديبو-بروفيرا (Depo-Provera)، حيث أظهرت بعض الدراسات أن متوسط الزيادة بعد عام من الاستخدام يبلغ نحو 2.2 كيلوجرام، إلا أن هذا لا ينطبق على جميع النساء".

وتضيف أن "الوسائل الأخرى مثل الحبوب المركبة، اللصقات، اللوالب الهرمونية، والغرسات، لم تُظهر في الدراسات أي علاقة مؤكدة بزيادة الوزن".

ويجتمع رأي الأطباء المختصون على أن اللولب النحاسي، كونه لا يحتوي على هرمونات، لا يتسبب بزيادة الوزن، في المقابل، قد يلاحظ البعض احتباساً بسيطاً للسوائل في البداية، لكن سرعان ما يستقر الجسم بعد فترة قصيرة".

أما آشلي برانت، فتؤكد نقطة مهمة جداً، وتقول، إن "عوامل مثل التقدم بالعمر أو تغيير نمط الحياة أو التوتر قد تكون الأسباب الحقيقية خلف التغيرات في الوزن".

فيما توضح الطبيبة العراقية البغدادي، أن "الكثير من النساء قد لا يلتزمن بنمط حياة متوازن، مما يؤدي إلى الخلط بين التأثير الفعلي لوسيلة منع الحمل والعوامل الأخرى المؤثرة على الجسم".

دراسات علمية دقيقة

نظر الباحثون في مكتبة كوكرين "Cochrane Library" نتائج 49 دراسة بحثية مختلفة حللت تأثيرات 52 نوعا من "وسائل تحديد النسل المشترك". وهذا يعني، حبوب منع الحمل واللصقات التي تحتوي على كل من هرمون الاستروجين والبروجستين، ولخصوا إلى أنه "لا يوجد دليل يظهر أن وسائل منع الحمل المركبة تسببت في زيادة الوزن".

في دراسة أخرى للمعاهد الوطنية للصحة الامريكية، نظر الباحثون فيما إذا كانت طرق تحديد النسل التي تحتوي على البروجستين فقط تسببت في زيادة الوزن. ويشمل ذلك حبوب البروجسترون فقط، المعروفة أيضا باسم "الحبة الصغيرة" واللولب الهرموني والغرسات. في المجموع ، نظرت الدراسات التي تمت مراجعتها في آثار هذه الأشكال من تحديد النسل على 11،450 شخصا. مرة أخرى، "لم تظهر الأدلة أن وسائل تحديد النسل تسبب في زيادة وزن الناس".

بحوث عميقة.. ماذا تقول المنظمات الصحية العالمية؟

تتفق المنظمات الصحية الرائدة عالمياً على أن العلاقة بين وسائل منع الحمل وزيادة الوزن أكثر تعقيداً وتعتمد على الطريقة المستخدمة والفرد:

منظمة الصحة العالمية (WHO):
"اللولب النحاسي" لا يحتوي على أي هرمونات، وبالتالي لا يسبب أي تغيرات هرمونية قد تؤدي إلى زيادة الوزن. هو أحد أكثر الوسائل حيادية من حيث التأثير الجانبي المتعلق بالوزن.

مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC):

معظم وسائل منع الحمل تُعتبر آمنة، ولا تؤدي إلى تغيرات كبيرة في الوزن عند غالبية النساء، وتقدم CDC توصيات حول إدارة الآثار الجانبية لوسائل منع الحمل المختلفة.

"من المهم ملاحظة أن بعض الدراسات المدعومة من CDC تشير إلى أن خطر الحمل قد يكون أعلى بحوالي ثلاثة أضعاف لدى النساء اللاتي يعانين من السمنة عند استخدام حبوب منع الحمل الطارئة بشكل عام، وبحوالي 4.4 مرة أعلى عند استخدام الليفونورجستريل كحبوب منع حمل طارئة، مقارنة بالنساء ذوات الوزن الطبيعي أو الأقل. هذا لا يعني أن الوسيلة تسبب السمنة، بل أن السمنة قد تؤثر على فعاليتها في منع الحمل الطارئ".

جمعية تنظيم الأسرة الأمريكية (Planned Parenthood):

تؤكد الجمعية أن الآثار الجانبية تختلف من شخص لآخر، ولا يمكن تعميم تجربة فردية على الجميع، وتقدم المنظمة مجموعة واسعة من خيارات تحديد النسل، بما في ذلك الغرسات، اللوالب، الحقن، الحلقات المهبلية، اللاصقات، الحبوب، الواقي الذكري، وطرق الوعي بالخصوبة.

وتشير إلى وجود خيارات "أقل هرمونات أو بدون هرمونات" مثل الواقي الذكري، اللولب النحاسي، العازل المهبلي، الإسفنجة، قبعة عنق الرحم، مبيدات النطاف، طرق الوعي بالخصوبة، الانسحاب، الامتناع، والتعقيم (قطع القنوات). هذا يعني أن هناك خيارات لا ترتبط بتغيرات في الوزن ناتجة عن الهرمونات.

الخلاصة:
تُفنّد الأدلة العلمية وشهادات الخبراء والمنظمات الصحية الرائدة الفكرة القائلة بأن "جميع وسائل منع الحمل تؤدي إلى السمنة". فالسمنة ليست نتيجة حتمية لهذه الوسائل، بل تتأثر بعدة عوامل فردية وصحية ونمط الحياة المتبع من قبل الفرد.

  • FB
  • Instagram
  • Twitter
  • YT