تنظيم الأسرة في كركوك... لها "إنجازات" ومليئة "بالتحديات"

الصورة من دائرة صحة كركوك

ايناس الحسن – كركوك

تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لتنظيم الأسرة ليس جديداً في كركوك، وقد شملت خدماتها العديد من المستشفيات والمراكز، وحققت نتائج "فعالة" حسب مسؤولي الصحة، الذين يؤكدون أنها تواجه تحديات عديدة تتعلق بنقص الموارد والدعم.

الحكومة الاتحادية العراقية تطبق الإستراتيجية الوطنية لتنظيم الأسرة والمباعدة بين الولادات للفترة من 2020 إلى 2025 والتي وصلت للمراحل الأخيرة للتنفيذ، بهدف المباعدة بين الولادات لمدة تتراوح بين سنتين وثلاثة وذلك عن طريق توفير الخدمات الصحية ووسائل منع الحمل بهدف إعادة تنظيم الأسرة.

مديرة قسم صحة الأم والطفل في دائرة صحة كركوك، الدكتورة أسر عبد الواحد، أكدت أن استراتيجية تنظيم الأسرة تُطبق وفق تعليمات وزارة الصحة، والتي تهدف إلى خفض نسبة الولادات عبر استخدام الوسائل المناسبة، مما يساهم بشكل مباشر في تقليل وفيات الأمهات والأطفال.

ولفتت إلى أن برنامج تنظيم الأسرة الفوري يتم تطبيقه منذ أكثر من ثلاث سنوات في المستشفيات بعد الولادة، حيث يتم تزويد النساء بالوسائل المناسبة أو تقديم التوعية والتعليمات قبل مغادرة المستشفى، مع التركيز على النساء في المناطق الريفية، حيث إن 90% من الولادات في كركوك تحدث داخل المستشفيات.

وأشارت إلى أن البرنامج لا يقتصر على مركز المدينة فقط، بل يشمل مستشفيات داقوق، الحويجة، وآلتون كوبري، بهدف الوصول إلى جميع النساء في مرحلة ما بعد الولادة.

ويمثل الاستراتيجية الوطنية لتنظيم الأسرة خارطة طريق لتحسين صحة الأمهات والأطفال، خفض نسبة الوفيات، الحد من الفقر وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.

بيّنت الدكتورة أسر أن أكبر التحديات التي تواجه تنفيذ الاستراتيجية هو تذبذب توفر وسائل تنظيم الأسرة في المراكز الصحية والمستشفيات، بسبب نقص السيولة والموازنة. وقالت "في بعض الأحيان، لدينا صلاحية لشراء الوسائل كدائرة صحة كركوك، لكننا لا نستطيع ذلك بسبب نقص السيولة، مما يعيق قدرتنا على الاستجابة لاحتياجات العوائل. كثير من المراجعين يتوقفون عن القدوم عندما لا تتوفر الوسائل المطلوبة".

وأضافت أن دعم صندوق الأمم المتحدة للسكان في بداية انطلاق الاستراتيجية كان كبيراً وفعّالاً، حيث شمل تنظيم دورات تدريبية، حملات توعية، وتوفير دوري للوسائل. أما الآن، فقد أصبح الدعم أقل بكثير وغير كافٍ لمواكبة الاحتياجات المتزايدة في المحافظة.

"تنظيم الأسرة أحد البرامج الأساسية التي تقدم من خلال الحملات الصحية في المراكز، بجانب خدمات أخرى كتحصين الأطفال ورعاية الأمومة".

منذ إعلان الاستراتيجية أطلقت الحكومة العراقية حملة على مواقع التواصل الاجتماعي لحث المواطنين على المباعدة بين الولادات لسنتين نظراً لأن نسبة الانجاب في العراق لا تزال من بين الأعلى في المنطقة.

رغم عدم الاستقرار السكاني الناتج عن النزوح والعودة، تشير الإحصائيات إلى انخفاض عدد الولادات في كركوك من أكثر من 40 ألف حالة في عام 2023 إلى 39 ألفًا وستمائة في 2024، وسُجِّلت زيادة طفيفة في وفيات حديثي الولادة من 418 إلى 424 حالة، وانخفض العدد وفيات الأمهات من 16 وفاة عام 2023 إلى 14 وفاة فقط في 2024.

وشددت مديرة قسم صحة الأم والطفل في دائرة صحة كركوك على أهمية المشورة الصحية كجزء أساسي من الاستراتيجية، إذ إن الكوادر الصحية والطبية تقدم مشورات منتظمة للنساء، خاصة بعد الولادة، مما يساعد النساء على البحث عن الوسيلة المناسبة حتى من خارج المؤسسات الصحية عند الضرورة، وبالتالي تقليل مضاعفات الحمل والولادة التي تُعد من أبرز أسباب وفيات الأمهات.

وأضافت الدكتورة أسر عبد الواحد أن محافظة كركوك تضم أكثر من 60 مركزاً صحياً رئيسياً و67 مركزاً فرعياً، تقدم أيضاً خدمات تنظيم الأسرة. ورغم النقص في الكوادر، خصوصًا في المناطق الريفية، تحرص هذه المراكز على تقديم الدعم والمشورة في حال عدم توفر الوسائل.

"الاستجابة المجتمعية جيدة، حيث أن 80% من سكان كركوك، خصوصاً داخل المدينة، مؤمنون بأهمية تنظيم الأسرة ويستخدمون الوسائل المتاحة".

إذا تمت المباعدة بين الولادات لسنتين على الأقل ستنخفض وفيات الأطفال في الأعمار من 1 إلى 4 سنوات بنسبة 21 بالمائة كما ستنخفض وفيات الأطفال الرضع بنسبة 10 بالمائة، حسبما أشار اليه مضمون الاستراتيجية.

أما بخصوص حملات التوعية، فقد أشارت الدكتورة أسر إلى أن الوزارة زودت المحافظة بسيارات متنقلة تُستخدم للوصول إلى المناطق النائية، وقد تم تسليم إحداها لقطاع التون كوبري مؤخرًا. تُستخدم هذه السيارات في تنظيم حملات صحية، تقدم المشورة وتوفر الوسائل داخل القرى والأرياف، بدلًا من الاعتماد فقط على حضور النساء للمراكز الصحية.

  • FB
  • Instagram
  • Twitter
  • YT