طبيب واحد للآلاف..
مسيحيو القوش يخوضون معركة غير متكافئة ضد كورونا

نينوى/ 2019/ مدخل ناحية القوش في قضاء تلكيف (40 كم شمالي الموصل) تصوير: عمار عزيز

كركوك ناو

الخيار الأمثل أمام مسيحيي القوش في مواجهة جائحة كورونا هو الوقاية فقط لا غيرها، إذ يوجد طبيب واحد مع القليل من المستلزمات الطبية لكافة أهالي المنطقة.

ناحية القوش التابعة لقضاء تلكيف تبعد 40 كيلومترا شمالي مدينة الموصل وتتألف من 34 قرية و مجمع، أكثر من خمسة آلاف من قاطني هذه الناحية هم من العائدين من النزوح، وأغلبهم مسيحيون.

"مشكلتنا الكبرى تتمثل في أن لدينا طبيباً واحداً فقط، أيُعقَل هذا؟! بانتهاء وقت الدوام توصَد أبواب المستشفى ويضطر المرضى للذهاب الى مناطق أخرى لتلقي العلاج،" حسبما قالت فيرجين شمعون لـ(كركوك ناو).

تقول هذه الامرأة التي تسكن وسط ناحية القوش بأنها في كل المرات التي راجعت فيها مستشفى القوش أخبروها بعدم وجود الأدوية التي كانت تحتاجها، "هناك يقولون لنا اذهبوا و اشتروا الأدوية من خارج المستشفى، و لكن ذلك ليس في مقدور الجميع، أسعار بعض الأدوية مرتفعة و تشكل عبئاً على عاتق الناس."

alqosh-3

نينوى/ 2020/ حملة رش المضادات و المعقمات في مركز ناحية القوش   تصوير: اعلام ناحية القوش

وتشير فيرجين شمعون بأن نقص الأدوية ليس مشكلتهم الوحيدة، فهم مضطرون الى شراء معظم اللوازم الصحية الضرورية، كالمستلزمات الوقائية وبالأخص القفازات الطبية و الكمامات بأنفسهم، حيث لم تقم الحكومة أو المنظمات الانسانية أو أية جهة أخرى بتأمينها رغم مخاطر تفشي كورونا.

أعداد المصابين بفيروس كورونا في العراق في تصاعد، فيما يستمر تطبيق اجراءات حظر التجوال الجزئي في أغلب المناطق، الأمر الذي جعل الأوضاع أكثر تعقيداً في القوش.

بادِر عمانوئيل، مدير المركز الصحي في القوش قال لـ(كركوك ناو) "عانينا من نقص الأدوية جراء حظر التجوال، ثم بجهود مديرة الناحية وعدد من المسؤولين تم فتح احدى الطرق لغرض جلب كمية محدودة من الأدوية".

عانينا من نقص الأدوية جراء حظر التجوال

في شباط 2020 الذي شهد ظهور كورونا في العراق، تم ارسال كمية قليلة من الأدوية الى القوش من قبل ادارة قضاء تلكيف. "نسبة الأدوية التي تم تأمينها لناحية القوش قليلة جداً، طلبنا مراراً من ادارة محافظة نينوى زيادة هذه النسبة و لكن دون جدوى."

وفقاً لما يقول عمانوئيل، فان المستلزمات الوقائية المتمثلة بالقفازات الطبية و الكمامات تكفي منتسبي المركز الصحي فقط، لذا لا يستطيعون توزيعها على الأهالي الذين يضطرون لشرائها من السوق.

"المشكلة تكمن في سوء عملية توزيع الأطباء والممرضين، حيث يوجد أربعة أو خمسة اطباء في بعض المناطق، غير أن القوش خُصِّّص لها طبيب واحد فقط، وتعاني تللسقف والمناطق الحيطة بها من نفس المشكلة."

الى جانب القطاع الصحي، لم يتم اعادة تأهيل القطاعات الخدمية الأخرى بصورة كاملة في أعقاب الدمار الكبير الذي اصابها أثناء حرب داعش، وهي احدى العوامل التي تعرقل عودة البعض من النازحين.

بسط تنظيم الدولة الاسلامية (داعش) سيطرته على الموصل في عام 2014، ووضع المسيحيين أمام ثلاثة خيارات: اعتناق الاسلام، دفع الجزية أو مغادرة مناطقهم دون أي أمتعة، لذا اضطر معظمهم للنزوح.

حسب احصائيات كل من الحكومة الاتحادية و حكومة اقليم كوردستان لا تزال عشرات الآلاف من العوائل المسيحية في مناطق النزوح، كما أن آلافاً أخرى – أكثر من 24 ألف عائلة في نينوى فقط- غادرت العراق.

يشكل المسيحيون نسبة 7% من مجموع النازحين الساكنين في اقليم كوردستان و عددهم يفوق 700 ألف شخص.

"كنا ندرك بأننا في حال اصابتنا بالفيروس سنواجه مشكلة كبيرة وهي قلة الأدوية وعدم وجود مختبرات للفحوص، لذا التزمنا بتطبيق جميع الارشادات الصحية الوقائية"، حسبما أكد فيدل داود، أحد ساكني القوش لـ(كركوك ناو).

كنا ندرك بأننا في حال اصابتنا بالفيروس سنواجه مشكلة كبيرة وهي قلة الأدوية وعدم وجود مختبرات للفحوص

و أشار هذا المواطن الى أن القطاع الصحي في القوش كان يعاني من نقص الأدوية و المستلزمات الصحية حتى قبل ظهور كورونا، "أكثر من ثلاثة أرباع الأدوية التي يصفونها لنا لا تتوفر ي المستشفى و يجب أن نبتاعها من الأسواق"، و تابع فيدل قائلاً بأن من الصعب الحصول على المواد المعقمة و المستلزمات الوقائية.

وفقاً لإحصائيات وزارة الصحة، لم تُسجل أية حالة اصابة بفيروس كورونا في القوش، إلاّ أن محافظة نينوى بصورة عامة شهدت تسجيل 43 حالة اصابة، تماثل ستة منهم للشفاء.

لارا يوسف، مديرة ناحية القوش قالت لـ(كركوك ناو) "مديرية الصحة العامة في نينوى لم تزودنا بالكمامات و القفازات الطبية لكي نوزعها على المواطنين، بعد جهود حثيثة تمكننا من تأمين ألف كمامة عن طريق دائرة الصحة في دهوك لتوزيعها على منتسبي القوات الأمنية في المنطقة."

"اذا ظهرت لا سمح الله حالة اصابة بكورونا في منطقتنا، فسنضطر لنقل المصاب الى مدينة دهوك."

تؤكد لارا يوسف بأنهم طبقوا الارشادات الصحية بحذافيرها، مثل حظر التجوال، التباعد الاجتماعي و رش المضادات و المعقمات في الأماكن العامة وصولاً الى القرى، و هو أقصى ما يمكن أن تقوم به الإدارة المحلية في القوش.

  • FB
  • Instagram
  • Twitter
  • YT