ضربت صاعقة قوية، وصفها سكان قرية نائية بـ"كرة من اللهب"، شجرة عمرها 80 عاماً وأحرقت جزءاً منها. الشجرة وفرت على مدار عقود من الزمن الظل لأطفال القرية التي لسكانها تاريخ وذكريات معها.
الحادثة وقعت في 4 نيسان 2025 حين كانت مجموعة من أطفال قرية سيد حسين التابعة لقضاء كفري تلعب في ظل الشجرة المعمرة، تفرّق الأطفال بعد سقوط المطر الذي تبعه دوي الرعد والصاعقة التي ضربت الشجرة وأسقطتها، كما أحدثت شرخاً في جدار منزل قريب وحطمت نوافذه، حسبما روت غنيمة عبدالله، من سكنة القرية.
بعد اسبوعين من الحادثة، يدا غنيمة كانتا لا تزالان ترتجفان، "اهتزت الأرض وملأ نور قوي أرجاء المنزل، ظننا بأن صاروخاً ضرب المنزل... صرخت بأعلى صوتي وهرعت إلى خارج المنزل، ظننت بأن حرباً قد اندلعت"، بحسب غنيمة.
كفري/ نيسان 2025/ آثار الشجرة التي ضربتها الصاعقة. تصوير: ليلى أحمد
في الوقت الذي ضربت فيه الصاعقة الشجرة المعمرة، كانت غنيمة التي بلغت العقد السادس من عمرها تنوي إطعام أحفادها الذين رجعوا للتو للمنزل مبللين بسبب الأمطار.
"11 طفلاً كانوا يلعبون تحت الشجرة، رجع أحفادي، ثيابهم كانت مبللة، غيروا ملابسهم وقالوا بأنهم يشعرون بالجوع، فأحضرت ملعقة لكي أصب لهم بعض الدبس ليأكلوه مع الخبز، فجأة امتزج الدوي والنور الساطع مع صرخاتي، سقطت الملعقة من يدي، ركضت إلى خارج المنزل وتبعني زوجي الذي كان يحاول أن يهدأ من روعي".
الحادثة لا تتعلق فقط بصاعقة ونجاة 11 طفلاً من كارثة محتملة، بل تتعلق بموت شجرة كان لسكان القرية تاريخ طويل معها وكانت الظل الذي يحتمي به الأطفال والماشية.
كفري/ نيسان 2025/ لم يبق من الشجرة غير جذعها السفلي الذي يبلغ قطره مترين. تصوير: ليلى أحمد
نوري محمد (63 سنة)، من سكنة القرية، قال "الصاعقة وقعت بعد دقائق من لعب أطفال القرية تحت ظل الشجرة، لحسن الحظ الصاعقة ضربت الشجرة ولم تصب الأطفال والمنازل".
بحسب غنيمة، عمر الشجرة كان 80 عاماً، قطر جذعها كان مترين وارتفاعها ثمانية أمتار، أهالي القرية كانوا يطلقون عليها اسم شجرة علي روستم، الشخص الذي زرعها في بدايات القرن الماضي.
"كنت أرى هذه الشجرة كل يوم منذ طفولتي وكبرت معها، حين رأيتها ساقطة على الأرض انتابني الحزن وأجهشت بالبكاء".
الشجرة مثلت جزءاً من حياة غنيمة، وتقول "لا زلت أتذكر حين كاني شقيقي الذي استشهد يلعب تحت ظلها حين كان طفلاً".
السعادة بادية على ملامح غنيمة عبدالله وهي تستلم شتلتين في يوم الأرض. تصوير: ليلى أحمد
توجد في قرية سيد حسين التي تقطن فيها 40 عائلة حوالي 10 أشجار معمرة لكن شجرة علي روستم كانت الأكثر ارتفاعاً بينها.
في يوم الأرض، أطلقت منظمة أدوي ADWE- منظمة محلية تعنى بقضايا البيئة والمرأة- حملة تشجير في قرية سيدحسين. غنيمة كانت من بين السيدات اللاتي وزعت المنظمة شتلات عليهن وقامت بزراعتها، "سأحافظ عليها وأعتني بها"، لكي تعوض شجرة علي روستم وتوفر ظلاً للأجيال القادمة.