لا كوتا للتركمان والأقليات الدينية في كوردستان.. المعادلة تغيرت والشكاوى كثيرة

كركوك/ 15 كانون الثاني 2020/ تظاهرة لعدد من المواطنين التركمان امام مبنى تربية المحافظة   تصوير: كركوك ناو

فرمان صادق

الأقليات الدينية والقومية في اقليم كوردستان قررت خوض الانتخابات البرلمانية والوصول الى البرلمان خارج نظام الكوتا، لكنهم بقرون أن "المهمة ليست سهلة. مهمتنا في تمثيل أقلياتنا اصبحت اصعب".

الموقف الجديد لأقليات اقليم كوردستان يأتي بعد أن ألغت المحكمة الاتحادية العراقية مقاعد كوتا الأقليات في برلمان كوردستان وعددها 11 مقعد واعتبرتها غير دستورية.

يوم الأربعاء، 21 شباط 2024، اصدرت المحكمة الاتحادية سلسلة قرارات حول قانون انتخابات برلمان كوردستان بسنة 1992، من بينها خفض عدد مقاعد البرلمان من 111 مقعد الى 100 مقعد واعتبار اقليم كوردستان أربع دوائر انتخابية. ما أثار حفيظة الأقليات الدينية والقومية كان إلغاء مقاعد الكوتا الـ11 (خمسة مقاعد للتركمان، خمسة مقاعد للمسيحيين ومقعد واحد للأرمن).

يوسف محمد، الرئيس السابق لبرلمان كوردستان والذي حضر جلسة المحكمة الاتحادية قال لـ(كركوك ناو) إن "قرار المحكمة واضح ويأتي بمعنى أنه لم يبق شيء باسم مقاعد الكوتا، الأقليات التي خصصت لها سابقاً مقاعد كوتا بموجب القانون يتوجب عليها من الآن خوض الانتخابات العامة للفوز بمقاعد تمكنهم من تمثيل مكوناتهم".

هذا تراجع عن الشراكة الوطنية والتعايش وحقوق الانسان التي تم تثبيتها في الاتفاقات السياسية التي أبرمت بعد انتفاضة 1991

إلغاء مقاعد الكوتا أثار استياء كافة الأقليات الدينية والقومية في الاقليم، وليلة الأربعاء 21 شباط، وصفوا قرار المحكمة بـ"انقلاب على الدستور".

محمد ايليخاني، الذي تلا البيان المشترك في مؤتمر صحفي لممثلي أقليات اقليم كوردستان، قال "القرار ليس له اي مبرر سياسي أو دستوري".

ممثلو الأقليات شددوا في المؤتمر الصحفي على أن القرار "سياسي.. لأن حقوق المكونات تم تثبيتها في المادتين 49 و125 من الدستور العراقي الدائم".

وجاء في الفقرة الأولى من المادة 49 من الدستور التي استندت اليها الأقليات في ردها على المحكمة الاتحادية، "يتكون مجلس النواب من عدد من الاعضاء بنسبة مقعد واحد لكل مائة الف نسمة من نفوس العراق يمثلون الشعب العراقي بأكمله، يتم انتخابهم بطريق الاقتراع العام السري المباشر، ويراعى تمثيل سائر مكونات الشعب فيه". في حين تنص المادة 125 من الدستور على أن، "الدستور يضمن الحقوق الادارية والسياسية والثقافية والتعليمية للقوميات المختلفة كالتركمان، والكلدان والآشوريين، وسائر المكونات الاخرى".

تعتقد الأقليات بأن الاتحاد الوطني الكوردستاني الذي يعتبر ثاني اكبر قوة في اقليم كوردستان وفقاً لانتخابات برلمان كوردستان الأخيرة، قد ارتكب "خطأً تاريخياً"، بسبب الشكوى التي قدمها في المحكمة الاتحادية ضد مقاعد الأقليات.

"هذا تراجع عن الشراكة الوطنية والتعايش وحقوق الانسان التي تم تثبيتها في الاتفاقات السياسية التي أبرمت بعد انتفاضة 1991، وشدد البيان على أن "القرار يصب في مصلحة حزب سياسي معين والذي تراجعت أصواته خلال انتخابات برلمان كوردستان السابقة وتعرض لمشاكل داخلية"، دون الإفصاح عن هوية الحزب.

950x644_110811FB_IMG_1555829827672

كركوك/ 2019/ مراسيم عيد القيامة الخاص بالمسيحيين   تصوير: كركوك ناو 

بموجب قانون حماية حقوق الأقليات في كوردستان الذي اصدره البرلمان عام 2015، تراعي الحكومة ظروف المكونات عند رسم حدود الوحدات الإدارية والدوائر الانتخابية.

المكونات الدينية والقومية طالبوا في المؤتمر الصحفي الحزب الديمقراطي الكوردستاني –القوة الأولى في اقليم كوردستان، وفقاً للانتخابات السابقة- ورئيس الحزب مسعود بارزاني برفض القرار وعدم المصادقة عليه.

ويشير قانون حماية حقوق المكونات، تتألف المكونات من ما لا يقل عن 10 أقليات دينية وقومية، من ضمنها التركمان، الكلدان السريان الآشوريين، الأرمن، المسيحيين، الإيزيديين، الصابئة المندائيين، الكاكائية، الشبك، الفيليين والزرادشتية وغيرها.

رغم قلقها، شددت الأقليات على أنها "لن تتراجع عن العمل السياسي من أجل خدمة جميع مكونات كوردستان وإيصال صوتها للمجتمع الدولي".

جميع الأطراف تعلم أن القانون الحالي صدر عام 1992 وها هو العراق قد اصدر خمسة قوانين مختلفة في خمس انتخابات

مونا قهوجي، سكرتيرة الدورة الخامسة لبرلمان كوردستان –من المكون التركماني- قالت إن "قرار المحكمة كان تشريعاً لقانون جديد لإجراء انتخابات برلمان كوردستان، حتى أنها لم ترجع الى قانون انتخابات برلمان كوردستان لسنة 1992".

قرار المحكمة الاتحادية جاء عقب الشكوى التي قدمها اثنان من أعضاء كتلة الاتحاد الوطني الكوردستاني في برلمان كوردستان، بحجة أن "القانون قديم ويحتاج لتعديلات".

زياد جبار، رئيس كتلة الاتحاد الوطني في الدورة الخامسة لبرلمان كوردستان وأحد المشتكين قال في تصريح سابق لـ(كركوك ناو)، "بموجب الاتفاق بين الاتحاد الوطني والديمقراطي الكوردستاني وحركة التغيير –اثناء تشكيل حكومة الاقليم- تضمنت إحدى النقاط تعديل قانون الانتخابات، خلال السنوات الأربع الماضية نوقشت هذه المسألة عدة مرات، كل ذلك من أجل إجراء انتخابات نزيهة في كوردستان ولكي يتمتع مواطنو الاقليم بتمثيل حقيقي، لكن القانون لم يعدل".

وأضاف، "جميع الأطراف تعلم أن القانون الحالي صدر عام 1992 وها هو العراق قد اصدر خمسة قوانين مختلفة في خمس انتخابات، لذا يجب تعديل القانون... بذلت مساعي حثيثة، لكننا لم نتوصل لاتفاق خلال العمر القانوني للبرلمان، فلجأنا للمحكمة الاتحادية لحل المشكلة".

وقال يوسف محمد، إن "قانون الانتخابات لم يكن عادلاً في الأساس، في الحقيقة لا يوجد في العالم قانون انتخابات عادل مائة بالمائة".

وأوضح أن قرارات المحكمة الاتحادية إجمالاً قلصت بعض صلاحيات برلمان كوردستان.

dadga-1

جلسة للمحكمة الاتحادية العراقية    الصورة: من موقع المحكمة 

وألزمت قرارات المحكمة الاتحادية اقليم كوردستان بتطبيق نظام الدوائر الانتخابية المتعددة، أي تقسيم الإقليم إلى أربع دوائر عوضاً عن الدائرة الواحدة، إضافةً الى تقليص المجموع الكلي لمقاعد البرلمان إلى 100 مقعد.

آرام جمال، مدير المعهد الكوردي للانتخابات، قال لـ(كركوك ناو)، "يبدو أن المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق ستقسم اقليم كوردستان الى أربع دوائر، بواقع 38 مقعد للسليمانية، 35 مقعد لأربيل، 24 مقعد لدهوك وثلاثة مقاعد لحلبجة".

طبقاً لإحصائيات وزارة التخطيط العراقية لسنة 2021، يقدر عدد سكان محافظة السليمانية من ضمنها حلبجة بأكثر من مليونين و336 ألف نسمة،  أي أن عدد مقاعدها سيتراوح بين 40 و 41 مقعداً، أما محافظة أربيل والتي يبلغ تعدادها السكاني أكثر من مليونين وثلاثة آلاف شخص، سيكون عدد مقاعدها بين 34 و53 مقعد.

في حين يقدر عدد سكان محافظة دهوك بأكثر من مليون و390 ألف، أي أن عدد مقاعدها سيكون 24 مقعد.

وقال آرام جمال، "نظراً لغياب قانون خاص بتقسيم الدوائر الانتخابية وتوزيع المقاعد، ستحدد المفوضية العليا المستقلة موعد إجراء الانتخابات وتقسيم الدوائر الانتخابية وعدد المقاعد بالتشاور مع رئاسة اقليم كوردستان.

وأشار الى أن "من واجب البرلمان تشريع قانون لتحديد الدوائر الانتخابية وعدد مقاعدها بعد الانتخابات".

آزاد كورجي، رئيس كتلة الشعب –التركمان- في الدورة الخامسة لبرلمان كوردستان قال لـ(كركوك ناو) إن "المحكمة الاتحادية لم تضع أي اعتبار لإقليم كوردستان بسبب الشكوى التي قدمها الاتحاد الوطني الكوردستاني.. السؤال هو يا ترى هل أن مشاكل كوردستان كانت بسبب المكونات؟ أطلب من المشتكين مراجعة أنفسهم".

" تحديد مقاعد الكوتا للمكونات كان بسبب عدم قدرتهم على حصد ما يكفي من الأصوات للوصول الى البرلمان والحكومة، لذا يجب التفكير في طريقة اخرى، وهذا الأمر صعب، لأن المكونات لا تملك القوة التي تجعل الناس يصوتون لها، لذا سيكون الأمر صعباً ولا نعرف ما الذي سيحصل".  

  • FB
  • Instagram
  • Twitter
  • YT