النازحون في العراق يخشون ضياع اصواتهم

دهوك/ 2019/ مخيم مام رشان الذي تقطنه غالبية ايزيدية من محافظة نينوى   تصوير: كركوك ناو

عمار عزيز

يخشى النازحون في العراق حرمانهم من حق التصويت، اسوةً بما حدث في الانتخابات البرلمانية السابقة، حين لم يتمكن أكثر من نصفهم من المشاركة كما ضاعت أصوات عدد كبير منهم.

أكثر من 120 ألف نازح في العراق سيكون لهم حق التصويت في الانتخابات البرلمانية المبكرة التي خصص لها يوم 8 تشرين الأول لعملية التصويت الخاص التي تشمل النازحين أيضاً.

 سيجري التصويت الخاص قبل يومين من التصويت العام، ويشمل الى جانب النازحين، المساجين ومنتسبي الأجهزة الأمنية.

"من يضمن لنا بأن أصواتنا لن تضيع هذه المرة أيضاً؟ يقولون بأنهم سيتخذون اجراءات وتدابير مشددة هذه المرة لكننا نخشى أن لا تسير الأمور كذلك"، هذا ما قالته منسيا حجي، نازحة تعيش في مجمع شاريا بمحافظة دهوك.

منسيا من أهالي ناحية سنوني التابعة لقضاء سنجار وقد نزحت الى دهوك قبل سبع سنوات.

من يضمن لنا بأن أصواتنا لن تضيع هذه المرة أيضاً؟

تتواجد غالبية الناخبين النازحين في محافظة دهوك، ويتجاوز عددهم 69 ألف ناخب، معظمهم من المكون الايزيدي وقد تم فتح 31 مركز اقتراع لهم، 22 منها داخل المخيمات، حسب الاحصائيات الرسمية للمفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق.

رغم مراجعتها عدة مراكز خاصة بسجلات الناخبين، لم تتمكن منسيا من استلام بطاقة الناخب البايومترية، التي حسب قانون الانتخابات، تعتبر الوثيقة الرسمية الوحيدة لتصويت النازحين.

"أخبروني في أحد مراكز قضاء سيميل بأن بطاقتي في سنجار وحين راجعتهم نفوا أن تكون موجودة عندهم وطلبوا مني استلامها في قضاء سيميل"، وقالت منسيا لـ(كركوك ناو) بأنها شعرت بالإحباط، حتى أنها فقدت الرغبة بالمشاركة في الانتخابات، كما حصل معها في الانتخابات السابقة.

حسب متابعات (كركوك ناو)، من مجموع 450 ألف ناخب نازح، لم يتمكن أكثر من نصفهم من المشاركة في الانتخابات السابقة التي أقيمت في أيار 2018 بسبب عراقيل عدة، من بينها عدم امتلاكهم وثائق رسمية، وجود معوقات أمنية، عدم امتلاكهم بطاقات الناخب، بُعد مراكز المفوضية عن مناطق سكناهم والضغوط التي مارستها بعض الأحزاب، كما أن أغلب الذين شاركوا في العملية تم إبطال أصواتهم بحجج مختلفة من ضمنها التزوير من قبل الأحزاب.

بخلاف الآن، كان بإمكان النازحين في الانتخابات السابقة المشاركة عن طريق البطاقة الالكترونية قصيرة المدى والتصويت المشروط، حيث كان الأخير مخصصاً للنازحين الذين فقدوا جميع وثائقهم ومستمسكاتهم الرسمية بسبب هجمات تنظيم داعش.

tomari.dangdaran

دهوك/ 2019/ مركز خاص بتحديث سجلات الناخبين داخل مخيم شاريا للنازحين   تصوير: يونامي

تقول منسيا بأن البعض من أقاربها بدأ الاحباط ينتابهم ليس فقط بسبب الخوف من ضياع أصواتهم، بل أيضاً بسبب نكث المسؤولين لوعودهم.

وفقاً لإحصائيات مفوضية الانتخابات، استلم أكثر من 85 بالمائة من النازحين بطاقات الناخب البايومترية، وسيمكنهم الإدلاء بأصواتهم في 86 مركز انتخابي في 17 محافظة عراقية من ضمنها محافظات اقليم كوردستان.

يبلغ عدد الناخبين النازحين في أربيل أكثر من 25 ألف شخص، وفي السليمانية أكثر من 11 ألف شخص، كركوك أكثر من ستة آلاف شخص، الأنبار حوالي أربعة آلاف شخص، النجف قرابة ألف و 500 شخص الى جانب 714 شخص في محافظة نينوى، وذلك حسب احصائيات مفوضية الانتخابات.

محمود حسام الدين، مسؤول إعلام مركز دهوك للمفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق قال لـ(كركوك ناو)، "يقترب عدد الناخبين النازحين في دهوك من 80 ألف شخص، لكن بغداد تقول بأن عددهم 69 ألف ناخب فقط، سبب هذا الفارق هو أننا أرسلنا مجموعة من ملفات الناخبين الجدد الى مكتب المفوضية في بغداد ولم يتم التدقيق فيها بعد"، دون أن يعطي أي ضمانات بأن حق هؤلاء  الناخبين الجدد في التصويت سيضيع أم لا.

مفوضية الانتخابات أصدرت و وزعت بطاقات الناخب البايومترية على النازحين المقيمين ف ي دهوك عن طريق 23 مركز خاص بتسجيل الناخبين، 13 منها داخل المخيمات.

الضمان الوحيد للمحافظة على أصوات النازحين من الضياع هو التصويت باستخدام بطاقة الناخب البايومترية

"الضمان الوحيد للمحافظة على أصوات النازحين من الضياع هو التصويت باستخدام بطاقة الناخب البايومترية، سابقاً كان يتم إبطال صناديق الاقتراع المشكوكة فيها، لكن توجد الآن أجهزة ذكية لفرز الأصوات، لذا لن نواجه مثل هذه المشاكل"، حسبما قال المسؤول في مكتب دهوك لمفوضية الانتخابات.

وأضاف محمود حسام الدين، "بعض النازحين لم ينقلوا سجلاتهم من سنجار وغيرها الى المناطق التي نزحوا اليها، لذا سيتعذر على هؤلاء الإدلاء بأصواتهم في دهوك وينبغي أن يعودوا الى مناطقهم الأصلية من أجل التصويت، وقد وفرنا لهم تسهيلات في هذا المجال"، دون أن يفصح عن عدد هؤلاء النازحين.

أقل عدد من الناخبين النازحين موجود في محافظات المثنى (15 ناخب)، ميسان (104 ناخب) ، بابل (139 ناخب)، البصرة (196 ناخب) ، واسط (198 ناخب) و ديالى (200 ناخب).

من جانبها قالت المتحدثة باسم المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق جمانة الغلاي لـ(كركوك ناو) "في هذه الانتخابات سيكون تصويت النازحين عن طريق بطاقات الناخب البايومترية، حيث تم رفض جميع البطاقات التي استخدمت في الانتخابات السابقة."

كما شددت جمانة على أن مساعيهم تتركز على ضمان إجراء انتخابات نزيهة، مشيرةً الى وجود أكثر من 250 مراقب دولي، 133 صحفي دولي، أكثر من ألف و500 مراقب محلي مئات الصحفيين الذين سيتابعون العملية، فضلاً عن وكلاء الأحزاب والتحالفات المشاركة في الانتخابات والذي يبلغ عددهم أكثر من 42 ألف شخص.

kandid la camp
دهوك/ أيلول 2021/ مرشحة تسعى لكسب أصوات النازحين في إحدى المخيمات   تصوير: الصورة مأخوذة من حساب فيان دخيل على موقع فيسبوك

في محافظات العراق، ما عدا اقليم كوردستان، يوجد مخيم واحد يضم نازحين وقد فُتِح فيها مرك اقتراع وهو مخيم الجدعة في ناحية القيارة بمحافظة نينوى.

قاسم محمد، مسؤول مكتب نينوى للمفوضية العليا المستقلة للانتخابات قال لـ(كركوك ناو)، "تم تسجيل 714 ناخب نازح عندنا، وهم مقيمون في مخيم الجدعة وقد تم فتح مركز انتخابي لهم يضم محطتين."

وكانت الحكومة العراقية قد أغلقت في العام الماضي أغلب مخيمات النازحين باستثناء مخيم الجدعة في نينوى و مخيمات اقليم كوردستان.

يتواجد في اقليم كوردستان أكثر من 664 ألف نازح، 54 بالمائة منهم من أهالي محافظة نينوى، غالبيتهم من العرب السنة والايزيديين، يعيش قسم منهم في 26 مخيم، حسب احصائيات مركز التنسيق المشترك للأزمات التابع لحكومة اقليم كوردستان.

يقول كاروان زكي، مسؤول مركز التنسيق المشترك للأزمات في وزارة داخلية الاقليم –يشرف على كافة مخيمات النازحين- بأن الاستعدادات قد أجريت لتصوين النازحين ويسعون لأن يدلي الناخبون بأصواتهم في أقرب مركز انتخابي لمناطق سكناهم، باستثناء الذين تجبرهم الحكومة على العودة الى مناطقهم الأصلية للمشاركة في الانتخابات.

من الصعب عليهم العودة الى سنجار أو نينوى للتصويت

"سنبذل كل ما بوسعنا لكي يتمكن النازحون الذين أعمارهم 18 سنة فما فوق من التصويت في دهوك، لأن من الصعب عليهم العودة الى سنجار أو نينوى، بسبب مصاريف التنقل"، حسبما قال كاروان زكي لـ(كركوك ناو)، مشدداً على أنهم سيسعون لأن تجري العملية بصورة نزيهة بعيداً عن التزوير والتلاعب.

يتنافس ثلاثة آلاف و 249 مرشح، من ضمنهم مرشحو الأقليات، للفوز بـ329 مقعد في البرلمان العراقي، في انتخابات 10 تشرين الأول التي يحق لحوالي 25 مليون ناخب المشاركة فيها، استلم 15 مليون منهم بطاقة الناخب البايومترية.

 

  • FB
  • Instagram
  • Twitter
  • YT